28 April 2008

لماذا تسود الطحالب ؟

علمت بالخبر عندما كنت أسير في الشارع.احتلت مدينتنا مجموعة من الحيوانات المتوحشة الضخمة، هربت من السلطات في غفلة من حراسها. لا أحد يعلم على وجه التحديد ماذا كانت السلطات تفعل بهذهالوحوش. كان من نصيب القسم الذي أسكن فيه أسود ضخمة بحجم الأفيال.

لمحت ثلاثة منهم في طريق عودتي إلى المنزل.كانت أحجامهم مثيرة للرعب، و أصواتهم كأنها زئير أسود يختلط بصهيل الأحصنة و ثغاء الأبقار.كان اثثنان منهما بالغين بحجم الفيل كما ذكرت، و الثالث مراهق صغير لا يزال حجمه بحجم الأسد الطبيعي او أكبر قليلا. انصرف أحد البالغين ليتولى فرض السيطرة على جزء من المدينة بينما بقى الآخر يستمتع بوحبة دسمة عبارة عن خرتيت ضخم الجثة. أكل ، و شبع، و نام بجوار فريسته في وسط الشارع الذي كان ينبغي لي أن أعبره لأصل إلى بيتي، إلى الأمان.

أتساءل:أين الجيش؟أين الشرطة؟أين القانون؟ أين الناس؟ فيجيبني دب قطبي: الجيش و الشرطة في خدمة الوطنن و القانون في الأدراج، و الناس في منازلها تتفرج

سكت صوت الأسد البالغ إلا من زفرات وحشيةبين الحين و الآخر ، فكرت أن اعبر الطريق لأني أعلم أن الاسود لا تفترس عندما تشبع، ولكني تراجعت عن هذه الفكرة، فهذا الاسد لا يبدو طبيعيان هذا يبدو أسدا متوحشا!!

كان الأسد المراهق يراقب الموقف أيضا من بعيد، يبدو أنه يتطلع إلى جزء من الفريسة التي غنمها الأسد الكبير.تبدو هذه الاسود خسيسة لها طبع الضباع. اطمأن الأسد المراهق إلى نوم الأسد الكبيرو بدأ يقترب بحذر من الفريسة الملقاة بجوار الأسد الكبيرزائدة عن حاجته، وما ان اقترب الصغير امتارا حتى استيقظ الكبير في قمة الثورة و الغضب. حاول الصغير الهرب و لكن الكبير أبى إلا أن يؤدبه، فاغتصبه، وحاول أن يقتله بعدها، ودارت معركة غير متكافئة بين الأسدين راقبتها أنا من بعيد متمنيا ألا يلتفتوا إليّ. و لكنن تخيب آمالينينتهي الصراع بينهما بأن يهرب الصغير من الكبير..ز في اتجاهي مباشرة

اتلفت حولي بحثا عن النجاة فلا أجد سوى مبنى تحت الإنشاء فألجأ إليه مسرعا قلبي ينبض بعنف. و كأنهما يقصداني ، وجدت محاولة الصغير للهرب تنتهي عند المبنى الذي ألجأ إليه.

وجدت الأسد الصغير يتحول إلى صورة إنسان و يتسلق المبنى،م بينما يعجز الكبير أن يتحول أو يتسلق، و انصرف مزمجرا

تنفست الصعداء ن و توقعت أن يعود الأسد المتحول إلى طبيعته، ولكن يبدو أنه مازال جائعا . يستمر في التسلقبصورته البشرية ، و أنا أهرب منه حتى وصلنا إلى السطح.أنظر إليه : يبدو وسيما أشقر الشعر مفتول العضلات، عاري من الثياب إلا من خرقة تداري عورته، يشبه الانسان الهمجي في هيئته.يبدو جذابان و تبدو سحنته مريحةو أكاد أطمئن إليه و لكن أتذكر أن أسد!أحاول الهرب و لكنه يحكم الحصار.يغتصبني و لا أحاول المقاومة، فلو قاومت سيتحول إلى صورة الأسد و تنهشني أنيابه.

يبدو أنه يتوقع أن يلتهمني بعد أن ينهي اغتصابه لي، انتهز ذروته و تراخيه لأهرب

أصل إلى البيت لاهثا. ألمح حمامة بيضاء صغيرة على الشباك، تقترب مني ، تلمسني ، تتحول إلىمراهق جميل الشكل صغير الحجم. انتقم من الأسد و أغتصب الحمامة في صورتها البشرية. تحول الفتي -بعد أن اغتصبته- إلى حمامة مرة أخرى، شعرت بالجوع و حاولت ذبحها لآكل، هربت مني.

وجدتها تطير إلى شاطئ البحر، تجد سلحفاة صغيرة. تقوم الحمامة باغتصاب السلحفة التي زحفت بمثابرة حتى غطتها المياه، فاضطرت الحمامة إلى تركها تغطس في الماء و طارت هي بعيدا

تختفي الحمامة في المياه لدقائاق، ثم تثور المياه. يحدث تسونامي هائل يغطي سطح الكرة الأرضية

تنحسر المياه شيئا فشيئا ، و تظهر مساحات من اليابسة.رطبة مازالت، فتنمو عليها الطحالب بكثرة، و تسود الطحالب كوكب الأرض

24 April 2008

الأوغام



-كنا قبيلة بها حوالي ألف نسمة، محصورين في مساحة ضيقة من الأرض ، مساحة لها حدود رسمها أعضاء الجماعة الأكبر سنا، قالوا: بعد هذه الحدود ألغام مميتة.
-كانت أرضنا التي نعيش عليها فقيرة، ربما كانت تلبي احتياجات الأجداد ، و لكن مع تزايد أعداد الجماعة صارت هناك حاجة ملحة لكسر الحدود من أجل البحث عن موارد إضافية تساعد على العيش براحة أكثر و كرامة أكبر، و لكن كان شيوخ القبيلة يتصدون لأي محاولة لكسر الحدود، حيث اعتبروا أن من يتخطى الحدود يلقي بنفسه في التهلكة، و ربما يثير تمرد بعض الشباب الطائش ، و بالتالي رأوا انه من الحكمة، و لصالح القبيلة العام أن يمنعوا أفرادها من تخطي الحدود ، و لضمان هذا قاموا بتعيين عدد من شباب القبيلة المعروفين بولائهم للشيوخ لحراسة الحدود و منع اختراقها، كنت أنا واحد منهم.
-كان الأمر شاقا في البداية، فقد كانت هناك أعداد كبيرة من شباب القبيلة يتوافدون على الحدود و يجلسون عندها مباشرة بالساعات يتأملون فيما خلفها ، و يفكرون في مدى صحة أقوال الشيوخ، و كان بعض منهم يلقي بالأحجار إلى ما وراء الحدود عساها تفجر لغما ما فيتأكد الجميع،ولما لم ينفجر أي لغم دب الشك في قلوب بعض الشباب، فتدارك الشيوخ الموقف و قالوا أن وزن الأحجار صغير لا يكفي لاستثارة الألغام ،فوجدنا -في اليوم التالي- عددا من الشباب يحمل أثقالا كبيرة و حيوانات نافقة لالقائها خارج الحدود و التأكد من كلام الشيوخ، فلما رأى شيوخ القبيلة ذلك فزعوا فزعا شديدا ، و أصدروا أمرا بمنع الاقتراب من الحدود الأصلية، و قاموا برسم ما أسموه : حدود ما قبل الحدود، و أمرونا أن نمنع أي من أبناء القبيلة من عبورها، بل من الاقتراب منها أصلا!!
-كان يلجأ إلى قبيلتنا أحيانا بعض التائهين في الصحراء ، فكنا نكرمهم و نحتفي بهم، و لكن كانت أوامر شيوخ القبيلة صارمة في عدم مغادرتهم للحدود أبدا ؛ فوراءها ألغام قاتلة، فلما حاول بعض الغرباء تنبيه الشيوخ أنهم أتوا من خارج الحدود و لم ينفجر فيهم أي لغم و لكن الشيوخ أرجعوا ذلك الى عناية السماء و حب الله لهم، فلما اعترض الغرباء على هذا التعسف قال الشيوخ ان هذا قانون القبيلة و ليس لغرباء مثلهم أن يتدخلوا في قانونها الداخلي، فلم يجبرهم أحد على اللجوء إليهم.و أتذكر حادثة إعدام أحد الغرباء الذي حاول التمرد و كسر الحدود فقبض عليه الشيوخ و أعدموه فجر اليوم التالي....
-بعد رسم حدود ما قبل الحدود لم يعد هناك من يقترب من الحدود الأصلية، و لكن ازدادت مساحة الأرض ضيقا بعد أن تآكلت مساحتها نتيجة نشوء المنطقة المحرمة ، و هي المنطقة الواقعة بين الحدود الأصلية و حدود ماقبل الحدود، و هي منطقة آمنة ، و لكن لا يسمح بالدخول فيها إلا للشيوخ و العواقل فقط، أما الباقين -بمن فيهم حراس الحدود- فغير مسموح لهم بالتواجد فيها مطلقا....
-لم تعد المهمة شاقة ، فلم يكن هناك الكثير ممن يحاولون الوصول للحدود الأصلية، فالكل يخشى على نفسه من الألغام وراء الحدود ، و من عقاب الاقتراب منها، ورغم هذا ، كان هناك بعض المغامرين الذين كانوا يحاولون التسلل مستترين بظلام الليل...
-نتجت عن عملي هذا أوقات فراغ كثيرة، فقد كنت اجلس بالساعات-و ربما بالأيام- بدون أن يمر واحد بالقرب من حدود ما قبل الحدود.فكنت أشغل وقتي بالغناء حينا، و التأمل حينا آخر، و في يوم برقت في عقلي فكرة:لماذا لا يمكن أن تكون الحدود الأصلية هي حدود ما قبل الحدود التي رسمها أجداد أجدادنا لنفس الظرف الذي نشأت فيه مساحتنا المحرمة، و بالتالي فربما كانت هناك مساحة آمنة ونظيفة من الألغام خلف الحدود الأصلية و يمكن الانتفاع منها لصالح القبيلة و أفرادها. وجدت في نفسي استحسانا لهذه الفكرة ، ولكني لم أجرؤ أبدا أن أعرضها على الشيوخ خوفا من العقاب....
-و في أحد الأيام، أسررت لزميلي -الذي يتناوب معي على حراسة حدود ما قبل الحدود -بافكاري و توقعاتي، فحذرني من عاقبة ما أفعل، و وجدته يخبر الشيوخ متعللا بحرصه على مصلحتي، و توجس مني الشيوخ ريبا ، و وضعوا لي برنامجا للتوعية بأخطار الألغام وكيف أن الكثيرمن الأجداد هلكوا لما عبروا الحدود، أظهرت لهم اقتناعي بكلامهم و ان اضمرت في نفسي أني لا زلت مقتنعا بفكرتي: حدودنا الأصلية هي حدود ماقبل الحدود التي رسمها أجداد الأجداد. فرض الشيوخ بعض المراقبة عليّ بعد جلسات النصح ، و لما رأوا مني التزاما تاما بتعليماتهم استعادوا الثقة في شخصي ، وعادت الأمور إلى طبيعتها كما كانت قبل أن يشي بي زميل الحراسة....
-و بعد تردد ، قررت أن افعلها ، وأتخطى الحدود الأصلية لأرى ما خلفها، و كنت قد تخطيت حدود ما قبل الحدود من قبل في مغامرة آمنة بعض الشئ. و لكن هذه المرة قد يكون فيها هلاكي.ورغم هذا ، فقد حاولت أن أطمئن نفسي أني أخدم القبيلة كلها ، فإذا كانت فكرتي صحيحة فسوف تنتفع بها كل القبيلة، و ان أخطأت فسأموت شهيدا، لأني صافي النية..!
-و لأني من حراس الحدود، فقد كنت أعلم النقاط التي تخلو من المراقبة في أوقات معينة من النهار، و هي الأماكن المناسبة للتسلل و دخول المنطقة المحرمة، ومنها إلى الحدود الاصلية.
-في عصر احد الايام بدأت تنفيذ الفكرة، و تخطيت حدود ما قبل الحدود و قلبي ينبض بعنف من شدة الانفعال و الرهبة، وبدأت اسير بحرص في المنطقة المحرمة متجها نحو الحدود الأصلية..
-لسوء حظي ، لمحني احد زملائي المكلفين بالمراقبة، صرخ ينبهني فلم ألتفت له، كنت قد وضعت كل همي في تنفيذ فكرتي و عبور الحدود الاصلية. ذهب زميلي -لما لم يجد مني انتباها-ليطلب مساعدة الشيوخ ظنا منه أنني ضللت الطريق، فأتى الشيوخ بأقصى سرعة سمحت بها خطواتهم الثقيلة و أعمارهم الكبيرة، و صاحوا فيّ بغضب: عد....عد..، لم أعيرهم اهتماما...
-وصلت إلى الحدود الأصلية و وقفت ألتقط أنفاسي، نظرت إلى المدى البعيد الواسع خلف الحدود فرأيت مساحات من الأرض الخصبة التي تنمو فيها الأعشاب بغزارة، وتمنيت أن تكون فكرتي صحيحة فتنتفع القبيلة كلها بالخير الوفير الذي ستضمنه لنا الأرض الخصبة. ركزت تماما في هذه الفكرة حتى لا يدفعني الخوف إلى النكوص و التراجع.وضعت قدما خارج الحدود الأصلية ، وسمعت شهقات القبيلة التي تجمعت كلها على الحدود، و احتبست الأنفاس. أغمضت عيني و أخرجت قدما أخرى... أنا الآن بالكامل خارج الحدود الأصلية!!!
-بدأت أرتعش بشدة...تذكرت القصص التي رووها لي عن هؤلاء الذين ماتوا خلف الحدود...شعرت بالخوف الشديد من وضع قدم أخرى، قلت :يكفي هذا اليوم. وسط الصمت سمعت رجلا يشرح لطفله:"لم يمت لأنه محظوظ، لأن الله يحبه.وضع قدميه على منطقة خالية من الألغام".قلت لنفسي:هكذا إذا!!
-سمعت صوت خيول الشيوخ تقترب ، ألمح في عيونهم شررا، ينوون بي شرا ، أنظر إلى الجموع المحتشدة و أرى في عيون البعض أملا في أن تكون الأرض خالية من الألغام حقا. اقتربت مني خيول الشيوخ حتى صار يفصلها عني ثوان فكرت سريعا:هنا سأموت وهناك سأموت لأني خرقت قانون القبيلة، فلأكمل المغامرة حتى النهاية.
-التفتّ إلى الخيول المقتربة فوجدتها أقرب مما تصورت،فزعت،تعثرت،وقعت على ظهري ، وسمعت شهقات جديدة من الجميع: الجمهور و الشيوخ...
-توقف المشهد تماما و خلا من أي حركة إلا لشخص واحد: انا! قمت من على الأرض بحذر و رفعت قدما إلى الأمام، و سمعت الشهقات....لم يحدث شئ.إما أني محظوظ جدا ، و إما أن نظريتي سليمة.تحركت خطوة اخرى، و ثالثة ، ورابعة، و في كل مرة أضع فيها قدما على الأرض تعلو الشهقات من الجميع.أفرح بنجاتي من الألغام...أجري..أرقص...أقفز فرحا، و ألوح للجميع من هنا. نادى الشيوخ بصوت كله رقة: "عد يابني!"، أقول : "الأرض خالية من الألغام ، لماذا نحبس أنفسنا؟؟" يقولون: "من يدريك؟" أقول: "لا ألمحها، و لم تنفجر فيّ !!"يقولون: "ليس هذا بدليل على عدم وجودها".أسأل بدهشة: "إذا ما الدليل؟!"يقولون كالمنومين و أيديهم على صدورهم:"أن يشعر قلبك بوجودها...هذا هو الدليل...!!!"
-الآن عرفت أنهم مخرفون، أقصد الشيوخ، أما أهل قبيلتي البسطاء فهم مخدوعون، يظنون-حتى اللحظة- أني محظوظ، فقط محظوظ! أدرت لهم ظهري، و أخذت أسير في هدوء نحو الأرض الخصبة متجاهلا نداءات الشيوخ المخرفين، وعندما التفتّ للمرة الأخيرة وجدت ثلاثة شباب في المنطقة المحرمة...يحركون أقدامهم بحرص..و حذر....

23 April 2008

زي كل سنة طبعاً

-اشق ثمرة الرمان بسكين له لون كلون الجسد ،فتسقط منها قطرات حمراء لزجة ، فتبدو كفتاة عذراء اقتحمت للتو من قبل شاب فتي ، فسالت منها دماء براءتها الجنسية. أواصل عملي بلا كلل ، هكذا يعلمنا الرمان : لن تنال الأجر بغير عمل.

-أعمل جاهدا على تحرير حبات الرمان من أسرها الأبدي ، فتقفز في مرح إلى الطبق الأبيض الذي أعددته لها ، غير مدركة ان وقت حريتها ضئيل ،فما ان انتهي من تحرير آخر زميلاتها حتى ابدا في افنائها جميعا بين اسناني الطاحنة ، لتأخذ مكانها في المقبرة القابعة داخلي و التي استوعبت أطنانا من الطعام الذي بدأت في تناوله قبل ان يحتل صدام الكويت ، و الحقيقة ان احتلال صدام للكويت عاد على معدتي بالخسارة ، إذ قلت كميات الطعام المارة خلالها بسبب ذهول أمي عني إلى شاشات التليفزيون خوفا على مستقبل عملها في احدى صحراوات الخليج ،و التي يتفجر فيها زيت اسود ، يبادلونه بأوراق البنكنوت ، يعطونها لأمي ، فتشتري لي الطعام.

-اعود إلى طبق الرمان الأبيض ، و أواصل طقوس صلاتي المقدسة لجهازي الهضمي ، فأمضغ الحبات بتأن و ثقة- كحال الأمريكان عندما دخلوا بغداد - فتنفجر بصوت الصمت و تتناثر محتوياتها السائلة كقنابل النابالم الحارقة ، لن تضرب الفيتناميين الآن و إنما ستضرب جوانب فمي لأتذوق المحتويات اللاذعة ،فتنشط غددي اللعابية ،بينما نشطت قبلها بثوان عضلات حاجبي الأيسر في استجابة فورية لرغبتي في الاندهاش ، إذ لمحت الآن -و الآن فقط -هذا التشابه المذهل بين أحمد عز الذي اجلس زوجته نائبة البرلمان في البيت ،و برويز مشرف الذي أرقد بوتو في القبر ،و ذلك عندما لمحت صورتيهما متجاورتين في الصفحة الأخيرة للجرنال .

-أنهي عملية المضغ المقدسة ،و اترك امري لأمعائي الرزاقة الوهابة، فهي من سيستخلص السكر و الفيتامينات من وسط كمية هائلة من الألياف ،كما سيفعل الله يوم القيامة ،ليلقي بالسكر -اسف، المؤمنين -إلى الجنة ،و يدفع بالعصاة إلى النار ، فتخرج الألياف برازا ، و يحترق السكر في الكبد ،فتنتج كمية من الطاقة تكفي لأداء صلاة الصبح أو ممارسة العادة السرية ،فارفض استخدامها في أي من الامرين و أفضل توفيرها تحسبا لتعطل سيارتي القديمة ،فتحتاج عندها لدفعات بشرية متتالية ، لتتقدم السيارة ... بينا!

-أصل إلى العمل متأخرا بسبب حادث في الطريق ، إذ قام أحدهم بفقأ العين السليمة لسيارتي المتهالكة ،فلم يكن هناك بد من افتعال مشاجرة صباحية افرغ فيها غضبي من العولمة من جهة ، و أجدد نشاطي من جهة أخرى ،و انتهى الأمر بتدخل أصحاب السيارات المتعطلة من جراء الحادث:" يا جماعة صلوا ع النبي .... كل سنة و أنتو طيبين"

-في المصعد المؤدي إلى مكتبي اتذكر مقولة طريفة لصديق ، إذ سألني ذات مرة :مين أول واحد استعمل الأسانسير؟ -معرفش! فقال:يوسف النبي لما خرج م البير. ابتسمت ، فيتصادف وجود الزميلة العزباء امام عيني لحظة ابتسامي ، فأطرقت رأسها في خجل أنثوي فاضح ، فجعلتها هذه التلكيكة أقرب ما تكون لزغلول النجار حين فسر رؤيا يوسف النبي ل 11 كوكب ساجد - لا أعرف حقا كيف تسجد الكواكب- على انها اعجاز علمي بوجود 11 كوكب في المجموعة الشمسية ، فعلا ... تلاكيك!
-اسير في الردهة مصبخرا -من صباح الخير ، و على وزن محوقلا و مبسملا- على زملائي المنهمكين في وصلة تحايا تتكرر في مثل هذا اليوم من كل عام ، الذي ينهمك فيه أيضا سيادته في تبادل برقيات التهنئة مع (.. أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو ، ملوك و امراء و رؤساء الدول العربية و الاسلامية ...) ،و أذكر اني أيضا كنت اتبادل فيه الصواريخ الورقية الملونة مع زملائي في الفصول المجاورة بالمدرسة الابتدائية.

-على باب مكتبي يستوقفني زميلي المرح دائما :صايم و لا زي كل سنة؟ فاضحك و اجيب :زي كل سنة طبعا !

ابتسامة

عندنا في مايو تمطر السماء ، و يكون مطرها دافئا و كأنه قطرات لبن تنبثق من ضرع السماء. عندما تهل علينا امطار الربيع تلك ،نعلم ان شتاء هذا العام قد اسلم الروح ،و ان الساحة قد خلت للصيف يفعل بنا ما يشاء بلا حسيب أو رقيب ،و من يسأله عما يفعل؟

-عندنا في مايو تمطر السماء ،و يكون هذا المطر الربيعي هو قبلة الوداع من آخر ريح من رياح الخماسين الصفراء . دائما تسبقها عاصفة رملية تستمر طوال النهار ،ثم عاصفة رعدية فترة المغرب ،و بعدها تتساقط القطرات الدافئة فتغسل الرمال . و في اليوم التالي، تجد الناس قد ارتدت ملابسها الصيفية الجديدة ،و تجد خطباء المساجد يتوعدون الناس بالعذاب الأليم من الله ان لم يتوبوا ،و يؤكدون ان عاصفة الأمس لم تكن غير نذير من الله ،و انه لولا النساء و الأطفال لسقطت السماء على الأرض.

- مازلت أذكر ذلك اليوم منذ بضع سنين ، كانت السماء مظلمة بسبب العاصفة طوال فترة النهار ،و لأني كنت عاطلا وقتها ،لم يكن لدي ما أفعله ،لذا لم أتردد في مراقبة الجو الاصفر من وراء الزجاج السميك الذي يمنع جبال الرمال من اقتحام البيت. انتهت العاصفة يومها سريعا قبل الميعاد ،و هطلت الأمطار الدافئة مبكرة ،و انتهت أيضا مبكرة و كأن السماء راقصة ارادت ان تنهي فقرتها على المسرح بسرعة لتلاقي عشيقها . انتهت الأمطار بعد اذان العصر ، و بدأت الشمس تطل من جديد . ثم رأيته! ظهر قوس قزح في سماء المدينة. لم يكن مثل أي قوس رأيته من قبل ... كان منفردا ... كان مقلوبا! كان قوس قزح يبتسم لأول مرة في التاريخ.


إساءة أدب أم توضيح بأدب؟؟







-ما يحدث الآن من رسوم كاريكاتورية و أفلام على الانترنت تهاجم نبي الإسلام محمد، هل يعتبر اساءة أم توضيح؟ بمعنى آخر :هل يمكن ان يكون رسام الكاريكاتير الدانمركي و مخرج الفيلم الهولندي كلاهما مجرد حاقد و كاره -هكذا- للاسلام و بالتالي يصب كراهيته و ينفث حقده في تشويه صورة نبي الإسلام؟

-دعونا نرى ،لنتساءل مجددا :هل اخترع أي منهما الآيات الصادمة في القرآن و التي تحض على العنف و الايذاء البدني و المعنوي؟ لنأخذ أمثلة حتى لا يكون كلامنا مطلقا. سنتناول مقدمات 3 سور في القرآن :التوبة و النور و محمد.

- من سورة التوبة سنقرا الآية الخامسة و التي تقول " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم و احصروهم و اقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا و أقاموا الصلاة و أتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم " طبعا الآية لا نفهم من سياقها كيف يمكن الاستدلال على ان الله غفور و رحيم.

-و من نفس السورة نجد ثلاث آيات متتاليات مفزعات هي الآيات رقم 12 و 13 و 14 اقرأوا :

"و ان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم و طعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون * الا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم و هموا باخراج الرسول و هم بدأوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين*قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم و يخزهم و ينصركم عليهم و يشف صدور قوم مؤمنين" و في هذه الآيات نلاحظ ان العين تقفز تلقائيا من "قاتلوا" إلى "تقاتلون" إلى "قاتلوهم" في كل مرة تقرأ فيها الآيات المتتاليات.

-هذه آيات سورة التوبة. هذه آيات القرآن. هل يمكن ان يفسر أحد المسلمين هذه الآيات بطريقة أخرى غير انها تحرض على العنف و القتال؟ اسمع الآن مبررات لهذا العنف ،و أنا لا اطلب التبرير ،اطلب التفسير فقط. لا أعتقد ان هناك تفسير آخر غير انها تحض على القتال. و القتال هو العنف لو تعلمون. و العنف هو الهمجية لو تدركون.
-لنرى سورة أخرى و اسمها-ياللعجب- سورة النور. تبدأ السورة بأية عادية لا غبار عليها تقول" سورة أنزلناها و فرضناها و أنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون" ،ثم تأتي الآية الثانية بطريقة (الصدمة و الرعب ) الأمريكية كالتالي :"الزانية و الزاني فاجلدوا كل منهما مائة جلدة و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" مفاجأة ،أليس كذلك؟ لم يتدرج حتى ليوضح حيثيات هذا الحكم الرهيب بان يعدد مثلا أضرار الزنا على الأسرة و المجتمع أو ما شابه ،و لكن لابد ان هذه هي أصول البلاغة القرآنية. و لكن آيات القرآن لا تكتفي بهذا العذاب-كما جاء في اللفظ القرآني- و إنما تضيف عليه عذابا نفسيا آخر هو الاستبعاد الصارم من المجتمع بأن يقول في أية تالية -هي الثالثة "الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة و الزانية لا تنكح الا زان أو مشرك و حرم ذلك على المؤمنين".

-و مرة أخرى سنبحث عن تفسير لا تبرير. هل يمكن تفسير الايتين السابقتين بغير التحريض على العنف ضد بعض أفراد المجتمع في شكل عنف جسدي فظيع ثم عذاب نفسي أفظع؟! و هل تعني الايتين شيئا آخر غير فرض تعاليم دينية على أفراد المجتمع بالقوة ؟!
-نبي الإسلام و الرحمة المتهم انه عنيف اسمه محمد ،و في سورة محمد نقرأ الآية الرابعة :" فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد و اما فداء حتى تضع الحرب اوزارها ذلك و لو يشاء الله لانتصر منهم و لكن ليبلوا بعضكم ببعض ...." و هذه الآية يصح ادراجها ضمن مستويات العنف المخصصة للكبار فقط.

-ما يحدث في الرسوم الكاريكاتيرية و أفلام الانترنت ليس الا توضيحا لآيات القرآن.هي ليست اساءة لأنهم لم يسيئوا فهم الآيات أو لم يتعمدوا اساءة فهم الآيات. التفسير واضح : قاتلوا-اجلدوا-اضربوا-اشهدوا العذاب-لا تنكحوا....إلى آخر الاوامر القرآنية التي تعتبر في عرف ثقافة الإنسان الحديث عبارات تحض على العنف و الكراهية. نعم ،يمكن تبرير كل هذا العنف انه ناتج بيئته و ثقافة مجتمعه آنذاك ،أو انه كان العرف الثقافي السائد وقتها. و لكن ،لماذا يجبر أخي الطفل على حفظ كل هذه الاوامر العنيفة عندما أراد -أو أريد به- حفظ كتابه المقدس؟ و لماذا تضطر أمي إلى تلاوة هذه الأفكار المثيرة للاعصاب كلما ارادت ان تفوز ببعض الحسنات؟؟ لماذا لا تحذفونها؟ هل هناك إجابة؟ بالتأكيد ، هناك احتمالان : اما انكم تعتقدون انها لا تزال صالحة لمجتمعات الإنسان الحديث ،و في هذه الحالة لا تلوموا من رسم محمد معمما بقنبلة. أو انكم تؤمنون بانكم لستم ملزمين بهذا العنف الآن و فيما بعد ،و لكنكم تؤمنون بقداسة الكتاب و ضرورة عدم حذف حرف. إذا كان الأمر كذلك ،فلماذا لا تعلنونها صراحة :هذه آيات من كتابنا المقدس و لكننا لا نلتزم بها ابدا. و يتم الاعلان عن هذا المبدأ في المدارس و الجامعات و المساجد ليعلم الشباب انهم ليسوا مضطرين للعنف لارضاء ربهم.

-هذا هو الحل: اما الحذف أو التبرؤ من العنف القرآني. و لكن لو رفضتم ،لو استمرت عقولكم تؤمن بقدسية و فرضية تنفيذ هذه الاوامر العنيفة ،فلا تلوموا الا أنفسكم. لا تلوموا الغرب. الغرب لا يفعل أكثر من توضيح ما هو كائن في تفكيركم. يقوم بابراز وجه آخر للاسلام هو الوجه الموسوي النزعة العنيف الاتجاه ،بينما يتكفل المسلم بعرض الإسلام المسيحي -لو جاز التعبير.

-ان المسلمين يؤمنون حتى فوهات عقولهم -الممتلئة بالعنف- بضرورة جلد و تعذيب ممارسي الجنس خارج إطار الزواج ،و قطع يد اللصوص و احداث عاهات مستديمة بهم. و يؤمنون بان كل شخص اتبع الدين اليهودي هو عدو لهم ،هكذا. و يؤمنون بأنه ليس للمرأة ان ترفض معاشرة زوجها حتى لو لم تكن تشعر انها مهيأة نفسيا لذلك. و ليس للأبناء الاعتراض -و لو لفظا- على قرارات و اوامر الآباء مهما كانت تعسفية. و يؤمنون بان (نكاح) نبي الإسلام لطفلة في السادسة هو أمر عادي ،و ان أعمال الخضر التخريبية تعني بالضرورة ان لديه علم من عند الله....

-لا يا سادة ، الغرب لا يسئ الأدب. الغرب يوضح -بمنتهى الأمانة- كيف ان المسلمين يؤمنون بتعاليم عنيفة تثير الكراهية ضد كل من لا يتبع الأوامر ،و يوضح هذا في مناخ شديد الحرية و الديمقراطية يسمح -بل يلزم- بابراز الرأي الآخر. لو كانت لديكم تفسيرات أخرى -غير ان ايمانكم بهذه الآيات يعني ان نبيكم عنيف ،و أنتم بالتبعية- فلماذا لا تعرضون وجهة نظركم؟ كل الذين اعترضوا على الرسوم و الأفلام ثاروا لأن الغرب وضح و فضح المستور. ما فعله -و يفعله- الرسامون و مخرجو الأفلام لم يكن أكثر مما فعله الطفل النقي الروح حين أشار إلى الملك العاري و تساءل بدهشة :ماما ،لماذا يسير الملك عاريا بلا ثياب؟؟!


لمشاهدة كافة رسوم الكاريكاتير:

http://www.zombietime.com/mohammed_image_archive/jyllands-posten_cartoons/

لمشاهدة و تحميل فيلم فتنة:


شمس مصر

-هل أصبحت شمس مصر أكثر حرارة في السنوات الخمس الأخيرة؟أم انني -فقط- بدأت ملاحظة حرارتها الضاغطة في هذه السنوات؟ و هل يجوز وصف الحرارة بأنها ضاغطة؟ لا أعرف،و لكن كتبتها هكذا لأني مصاب الآن بصداع ضاغط نتج عن شمس مصر....

-كلما أصبت نفسي بهذا الصداع أحرص على عدم الحركة بقية اليوم ؛ فأي حركة ستغير ضغط الدم في شرايين مخي و سينتج عنها ضربات متتالية مع كل خفقة قلب. أفضل ان اجلس و بحواري كمية لا بأس بها من(الباراسيتامول) أو أي عقار يحتوي على كميات منه ،بالإضافة إلى برطمان النسكافيه و غلاية الماء. -من الضروري -عندما تصاب بالصداع- ان تبعد عن ناظريك أي شئ قد يرفع ضغط دمك ،مثل كتب العقاد و مصطفى محمود. حاول ان تبحث عن شئ فكاهي خفيف حتى لا تصاب بالملل من عدم مزاولة أي نشاط ،مقالات "ممتاز القط" مفيدة جدا في هذه الحالات(نصيحة مجرب). ابتعد أيضا عن أي نشاط جاد لأنك لن تتقنه في وجود هذا الاخطبوط الذي يضغط على عقلك....

-أنا لا أعرف لماذا أغرم بالسير تحت شمس مصر ،ربما هو حين ورثته عن جد لي كان من سكان أوروبا. الجينات عادة بلا عقل ،عمياء. عندما يغلق الرب أبواب الجحيم في نوفمبر اعمد إلى كشف جسدي امام المرأة ، فأرى التناقض الواضح بين الاسمر الغامق على ذراعي و وجهي ،و اللون القمحي الهادئ في بقية الجسد الذي لم يعرض للشمس. أظل طوال الشتاء أبحث عن التجانس اللوني ،و ما ان يعود مارس حتى أنقاد من جديد -بشكل قهري- إلى الانتحار تحت الشمس. بدأت افكر في اللجوء لطبيب نفسي ،ربما كنت اعاني من أفكار تسلطية من نوع ما...

-سرت ذات مرة لمدة ساعتين تحت شمس أغسطس في سفاجا-جنوب الغردقة. يومها كانت درجة الحرارة أقل من الخمسين بدرجتين مئويتين. لن أحكي عن الصداع التقليدي الذي اصبت به ،و لكن عندما عدت ليلا إلى الفندق وجدتني اشقر ، لقد احترق شعري! كانت بشرتي أصبحت بلون الشوكولاته ،و شعري جف و احترق لدرجة بدأت معها اشك اني اشم رائحة شياط من مكان ما. طبعا فشلت كل محاولات علاجه و اضطررت لحلاقته حتى ينمو من جديد....

-حلاوة شمسنا في الشتاء أمر مسلم به ،و لكن المشكلة ان شتاءنا المصري أقل من أربعة شهور: بعض من نوفمبر ، و كل ديسمبر و يناير و فبراير. كنت أعتقد -و أنا أصغر سنا- ان هناك شمسين تتصارعان على الظهور على المسرح: الاولى قوية الحرارة و الجسم تسيطر على أغلب شهور السنة ،و الاخرى أضعف هي شمس الشتاء. أكاد اجزم انه يستحيل ان تكون الاثنتان شمسا واحدة ،لا بد ان إحداهما ذكر خشن ،و الاخرى أنثى رقيقة حانية ،ذاك هو التفسير المعقول!

-سافرت ذات مرة في الصيف إلى احدى دول اسكندنافيا ، كانت الحرارة وقتها هناك 27 مئوية ،رائعة بالطبع بالنسبة للجحيم الصيفي في مصر. في أحد الأيام كنت على وشك ان استقل الحافلة العامة-الباص-فانهارت أمامي احدى الفتيات لتقع بين يدي ، اعتقدت انها ربما انبهرت بوسامتي الشرقية السمراء ،و خطر في بالي ان أوقظها كما ايقظ الفارس الجمال النائم ،و لكن السيدة العجوز بحواري اسرعت تنبهني قائلة: لقد أصبحت الشمس هنا جحيما لا يطاق ، أليس كذلك؟

-شمس مصر بالتحديد من أسباب الشيفونية المصرية الزائفة. يدعون في فيلم (غرام في الكرنك) ان الجو عندنا ربيع طول السنة ،كذب بواح بلا شك. الدول الفاشلة تبحث دوما عن شئ تحتمي به من انتقادات الآخرين و اتهاماتهم لها بالتخلف. اخترنا نحن حلاوة شمسنا و جمال شعبنا و خصوبة ارضنا لتكون مصدر الفخر لنا. كانت لليابان أيام تخلفها -قبل أقل من قرن و نصف- نفس المقولات بتطابق مذهل يجعلني أتفاءل اننا سنكون يوما ما في تقدم اليابان ،فقط نحتاج لامبراطور مراهق يريد التقدم بحق. اقرأوا معي من كتاب (الشمس المشرقة) لمصطفى كامل مؤسس الحزب الوطني (القديم): "... فقد ملأ المعلمون اليابانيون كتبهم بتمجيد اليابان و تعظيمها و تفضيلها على بقية بلاد الأرض ، فجاء في كتاب (كاتوسوكي ايتسي) المنتشر بين تلاميذ المدارس الابتدائية ما ترجمته : ان ياباننا الكبيرة التي يحكمها إمبراطورها العاقل هي اسمى و ارقى من كافة بلاد العالم؛فطقسها بديع و لا يعرف أهلها الحرارة المؤلمة و لا البرودة القارسة. و الاشجار و الفواكه تنمو فيها بكثرة وافرة ،و الأرز و الحنطة و بقية الحبوب جيدة فيها ،و قد تحسن الشاي و التوت في بلادنا -و لو ان أصلهما من الصين- بفضل جفاف الأرض و لطف الطقس .... و قد قام الرسل و الأنبياء في البلاد الاخرى لتعليم الفضيلة للناس و لكن الناس لبثوا قاسيو القلب يشبهون الحيوانات الكاسرة ، اما اليابان فلم يأتها أحد من الرسل و الأنبياء ليعلم شعبها الأخلاق؛ لأن ارضنا و طقسنا يسمحان لكل إنسان ان يتحصل -بقليل من العمل- على الحبوب الضرورية للحياة ،و يوجدان في الرجال الدعة و الطيبة...." طبعا لم يعد أحد يردد هذه الأقاويل المضحكة في اليابان اليوم!

-للأسف لا يطلق المصريون النكات على الشمس ،ربما لأنهم رمزوا بها لالههم الكبير رع قبل دخول الأديان السامية إليها. الشمس كانت دوما من معبودات الإنسان القديم ،نذكر طبعا قصة بلقيس ملكة سبأ التي كانت تعبد الشمس ،فأمرها سليمان (الحكيم) ان تعبد الله الغير مرئي و إلا....و الا....! بل ان الملاحظة الوحيدة في عالم الحيوان على وجود نوع من الديانات كانت عبادة الشمس. فبعض القبائل التقليدية في مدغشقر تقول انه حين يرقد الليمور (نوع من القردة) على أفرع عالية في الصباح في مواجهة الشمس و عيونه مغمضة ،فإنه يعبد الشمس*. أنا لا أفهم كيف عبد البعض النجوم و الكواكب في وجود هذه الشمس الهائلة. بالتأكيد لديهم وجهة نظر قوية!!

-شمس مصر ارحم بالطبع من شمس دولة الكويت ،أو شمس جنوب تشيلي التي تصب جزيئات تسبب السرطان. و شمس مدينة بورسعيد أكثر أنوثة بالتأكيد من شمس أسوان. كانت لي أمنية غالية و أنا صغير ،لم تتحقق إلى الآن. كنت -و مازالت- اتمنى ان تنبت لي أجنحة كالطيور ، أهاجر صيفا إلى روسيا ،و شتاء اعود إلى مصر. كنت -بالمناسبة- أفسر (رحلتي الشتاء و الصيف) في سورة قريش على هذا الأساس.....!! *هذه المعلومة مأخوذة من كتاب "الحياة الوجدانية عند الحيوانات" تأليف جيفري ماسون و سوزان ماكارثي

21 April 2008

جهنم الحمراء لا تسلق بيضاً


جهنم الحمراء لا تسلق بيضا

بقلم حمدى رزق ٢٠/٤/٢٠٠٨

أحب تلوين البيض، أصحو مبكراً مع العصفور، كانت أمي لتوها تنهي التحيات الطيبات، توقد وابور الجاز، تسلق البيض في ماء مالح حتي يتكلس القشر، تتركني غارقاً في صحون الألوان، تخلو الباقة من الأزرق والأسود.. شم النسيم عيد وليس يوم حداد.

خُف الجمل يؤلمه، لو مر علي بيضة مسلوقة واقفة علي حيلها، الجمال لا تكسر البيض، شيوخ الحرام يفقشون البيض، أحدهم علي شبكة «إسلام أون لاين» يحرم تلوين البيض، فتوي البيض تروج علي المواقع الإسلامية، ترسل علي الإيميلات المتاحة والمجموعات البريدية، مع اقتراب الاحتفال بعيد شم النسيم.. كل سنة وأنتم طيبين.

يبغون تحريم شم النسيم، ويتجاوزون في حق المسيحيين، يسمونهم النصاري ويكفّرونهم، ويتغولون في أصل العقيدة المسيحية، يحتالون علي الإنجيل والمسيح (عليه السلام)، ويصدرون المزاعم وصفا لما يعتقدون، لكم دينكم ولي دين.

ويسأل سائل: ببيان حقيقة عيد شم النسيم، وحكم احتفال المسلمين، ولماذا يكون المولد النبوي دائماً يوم الإثنين وعيد شم النسيم دائما يوم الإثنين أيضاً؟.. ويجيب مولانا: لابد من الإشارة إلي أن اليهود المصريين - علي عهد سيدنا موسي عليه السلام - قد أخذوا عن الفراعنة المصريين احتفالهم بهذا العيد، وجعلوه رأساً للسنة العبرية، وأطلقوا عليه اسم «عيد الفصح»، والفصح كلمة عبرية، تعني (الخروج أو العبور)، وعندما دخلت المسيحية مصر عرف ما يسمي بـعيد (يوم القيامة)، والذي يرمز إلي قيام المسيح من قبره - كما يزعمون (نصا من أصل الفتوي).

ويكمل: ويلاحظ أن يوم شم النسيم يعتبر عيداً رسمياً في بعض البلاد الإسلامية، تعطل فيه الدوائر الرسمية! كما يلاحظ أيضاً أن النصاري كانوا ولايزالون يحتفلون بعيد الفصح (عيد القيامة) في يوم الأحد، ويليه مباشرة عيد شم النسيم يوم الإثنين، ومن مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم أكل السمك والبيض، ومن العادات تلوين البيض بالأحمر، وربما كانوا يرمزون بذلك إلي دم المسيح (المصلوب)، حسب اعتقادهم الباطل المناقض للقرآن الكريم، وإجماع المسلمين المنعقد علي عدم قتل المسيح وعدم صلبه، وأنه رفع إلي السماء (نصا من أصل الفتوي).

وعلي أي حال فلا يجوز للمسلم مشاركة النصاري وغيرهم في الاحتفال بشم النسيم، وغيره من الأعياد الخاصة بالكفار(!!!) كما لا يجوز تلوين البيض في أعيادهم، ولا التهنئة للكفار بأعيادهم، وإظهار السرور بها، كما لا يجوز تعطيل الأعمال من أجلها، لأن هذا من مشابهة أعداء الله المحرمة، ومن التعاون معهم علي الباطل.

كما يجدر التنبيه إلي أن اليوم الموافق لميلاد النبي -صلي الله عليه وسلم- لا يأتي دائماً يوم الإثنين بل يختلف باختلاف الأعوام، ولكن يوم شم النسيم يأتي دائماً يوم الإثنين، لأن النصاري يعدلون في موعد صومهم كل عام حتي يتوافق مع مجيء (شم النسيم) يوم الإثنين، وأخيراً: ننصح السائل الكريم بعدم الاحتفال بمثل هذه المناسبات التي ما أنزل الله بها من سلطان.. والله أعلم (صادرة في ٢٨ ربيع الأول ١٤٢٢ - مركز الفتوي بإشراف د.عبدالله الفقيه).

حبل الحرام يخنق المجتمع، أينما تولوا وجوهكم ثمة من يصليكم بالحرام، اللهيب يلفح الوجوه، لهيب الوابور يصطلي تحت حلة البيض، لون اللهب البنفسجي جميل، يشع دفئا، جهنم الحمراء لا تسلق بيضا.. تشوي الوجوه.



.

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة المصرى اليوم

17 April 2008

اّلهة بلا رصيد

في السماء تسكن آلهة
منعزلة على عروشها الخشبية
تطل من بين فرجات السحب
على البشر المخلوقين
من دموع الملائكة
وحيوانات منوية لقرد

في ليالي الصيف يجتمعون
يحتسون الشاي و القهوة
يقزقزون لبا أسمر
يتفاخرون بمخلوقاتهم الجديدة
يبرمجون القدر و البشر
بآخر إصدارات مايكروسوفت
و يبحثون في جوجل
(من أجل كتبهم المقدسة)
عن أفضل تقنيات السرد

آلهتنا التي في السماوات
نرجو أن يكون مزاجكم رائقا
حين تقررون أقدار البشر
وأن تتوقفوا عن مضغ البيتزا
أثناء العمل
فلا يتسخ لوح القدر
بفتات التراجيديا
و بقع العبث
وراجعوا ما كتبتم
وحاولوا
أن تضيفوا للسعادة بند

شكونا الشقاء لكم مرارا
و انتظرنا الخلاص باخلاص
و إبراهيم يسخر منا :
"آلهتكم صماء بكماء"
فحسبناكم متعالين
على عروشكم الخشبية
حتى قام بنفسه
و حطم الاصنام
و مازلتم ساكنين
و انتظرنا الانتقام
فوجدناه يحرك يده:
"انها سليمة...انها سليمة
من الرسغ إلى الزند"

السادة الآلهة
عفوا
رصيدكم الحالي لا يكفي لاتمام المداهنة
برجاء الشحن و إعادة المحاولة.... فيما بعد
........................................

13 April 2008

إفعل أي شيء



افعل أي شئ، فكل شئ يتجمع في النهاية ، ليكون الشئ
ابدأ من أي نقطة و بأي شيء فكل ما تفعله حقائق تحفر لنفسها مكانا في روح العالم
لا تقل أنك عاجز ، ولا انك لن تغير الكون ، فأنت - بديهيا - لن تفعل ، ولكنك قطعة من البازل الانساني، لا بد أن تفعل شئ ليكتمل الشئ

يحيط بنا عالم أكبر من عقولنا ، نشعر إزاءه بالجهل و الغموض ، و الخوف . نشعر أننا يجب أن نفهم العالم لكي نعيش فيه ، و لكننا -للأسف - لا نفعل أكثر من التخبط في الظلام ، و لا نملك إزاء هذا الظلام / الغموض إلا أن نشبك أيدينا مع هؤلاء الذين يريدون -صادقين - أن يعرفوا ، نساعد الدنيا بهذا القدر الضئيل الذي اكتشفناه عن الدنيا و الناس ، فنضئ جزء من الطريق .
لا أشعر بالأسى حيال كوني لا أعرف ، لا أريد الهرب ، فقط سأستخدم ما أعرف ، و سأستخدم صدق نيتي ، و رغبتي في أن أعرف ، سأستخدم كل هذا لأقتحم المجهول ، لست أبدا ها الكائن المهم ، لست مهما لأحد سواي، و لكني أسعى لأثبت للعالم أني جدير بهذا الاهتمام ، جدير بالحياة

09 April 2008

الحرية النقية

-هناك اعتقاد راسخ من جانب أبناء كل ديانة ان الدين الذي ينتمون اليه يحقق كل معاني الحرية و العدالة و المساواة ، و ليس الأمر مقصورا فقط على أبناء الديانات المختلفة ،بل يتعداه إلى مختلف الايديولوجيات و القوالب الفكرية المصمتة.و لكن تجد المخالفين للدين أو الفكرة المؤدلجة يعارضون هذا الاعتقاد و يؤكدون -بأدلة تدحض أدلة المؤمنين - ان هذا الدين و هذه الفكرة تعادي الحرية أو تتناقض مع العدالة،و نجد أنفسنا قد تهنا وسط هذا الزحام من الاتهامات المتبادلة،و تجد نفسك تتساءل:أيهما أصح؟!

-أنا ارى ان كلا من الرأيين صحيح إلى حد ما.كيف هذا؟و هل للحقيقة وجوه أخرى؟!

-لقد اتى كل دين بمفهوم معين و محدد عن الصواب و الخطأ ،و رسم صورة واضحة لتصوره عن العدالة و المساواة ،و وضع سقفا عند حد معين من الحرية ، أي انه رسم للإنسان طريقا و قال في :هذه هي الحرية ،هذا هو العدل ،هذي هي المساواة ،و بالتالي عندما تجادل أحد المتدينين في شأن انتقاص هذا الدين من حرية افراده تجده ينتفض ليؤكد ان الدين وفر في الحرية الكاملة ،و هو هنا ليس بمعزل عن الصواب ، فالحرية الكاملة في نظر المتدين ، أو الحرية التي يستحقها، هي تلك الممنوحة له من قبل الدين ،و هو يعتبر ان تعدي سقف الحرية الممنوح له عبارة عن انفلات و فوضى ،و ليس ابدا حرية.

-المشكلة إذا تكمن في تحديد معنى للحرية و صبه في قوالب معدنية بحيث تصبح غير قابلة للتحور بعد ذلك ، تصبح غير قابلة للتشكل حسب حاجة أفراد المجتمع و حسب التطور الذي يحدث فيه ، بمعنى آخر : المشكلة هي احتكار معنى الحرية في قبل الدين أو الفكرة المؤدلجة و فرضها على الناس.
-إذا ما الحل؟ الحل هو كسر الاحتكار بتعدد الأفكار في المجتمع الواحد بحيث يصبح للفرد بدائل إذا لم يظن ان هذا التحديد للحرية يناسبه.

-المشكلة الكبرى هنا ان البعض يرى ان تعدد الأفكار عن الحرية هو شئ يتجاوز الحرية، يقولون انه فوضى، و بالتالي ينبغي عدم السماح به.و هكذا حال مجتمعاتنا العربية حيث تم احتكار المعاني ،و تم تحديد معنى للحرية بما يحقق مصالح فئات معينة -سواء كانت مصالح دينية أو دنيوية- و بدون الالتفات إلى حق بقية أفراد المجتمع في الحياة بحرية كما يتصورونها.

-و بالتالي ، أعتقد ان المهمة الاولى لمن يدافع عن الحرية هي مواجهة هذا الاحتكار ،و هذه الوصاية الفكرية في المجتمع العربي ،و اقناع الناس ان هناك معان أخرى للحرية أكثر قدرة على الافادة. ان الأمر أشبه بمجموعة من البشر محبوسين في مساحة صغيرة من الأرض حولها سور ، و قيل لهم :خلف السور ألغام من كل اتجاه .كل ما يحتاجه هؤلاء هو ان يقنعهم أحدهم ان الألغام وهمية ، و ان يريهم هذا بنفسه ، فيخرج عن السور ،و عندما لا يصيبه اذى سيدرك الناس انه ليس هناك ألغام حقيقية ، و ان خلف السور حياة ارحب و اغنى و أكثر كرامة من سجنهم الذي سجنوا فيه بوهمهم.

-معنى الحرية في كل دين و في كل فكرة مختلف ،و بالتالي إذا ما اردت ان تجادل واحدا فلا تقول :دينك ضد الحرية ،بل جادله في معنى الحرية و جدواها و الهدف منها، أي: لماذا ينبغي ان تكون هناك حرية؟ و على قدر الاجابة يكون معنى الحرية.

- لماذا إذا ينبغي ان تكون هناك حرية؟ قد يجد البعض هذا السؤال صعبا و إجابته مستحيلة أو نسبية ،و ان كنت أعتقد ان الاجابة ممكنة. اتذكر الآن عبارة للفيلسوف الأمريكي اريك فروم من كتابه (الخوف من الحرية) :"......اننا لسنا متأكدين دوما أي طعام هو صحي و أيها ليس صحيا ،و مع هذا لا يستنتج انه ليست أمامنا أي وسيلة نميز بها السم.بالطريقة نفسها يستطيع ان نعرف -إذا أردنا- ما هو الذي يسمم الحياة العقلية . اننا نعرف ان البؤس و الرعب و العزلة موجهة ضد الحياة ،و ان شئ يخدم الحرية و يطور الشجاعة و القوة ليكون الإنسان نفسه هو من أجل الحياة. ان ما هو خير و ما هو شر بالنسبة للإنسان ليس مشكلة ميتافيزيقية ،بل مشكلة تجريبية يمكن الجواب عليها على أساس تخيل طبيعة الإنسان و التأثير لبعض الظروف عليه..."

-نعم، بامكاننا -إذا اردنا - ان نميز بين ما هو ضد الحياة مما هو في صالحها ،و بالتالي يمكن ايجاد معاني أكثر حيوية -ان جاز التعبير- للحرية .اننا نعرف ان القيود على التفكير باسم الدين أو القومية أو المجتمع هو أمر ضد الحرية ، و أي قيود على التعبير-حتى لو كان باسم الحرية- هو ضد الحياة و ضد الحرية ،و أي قيد على حرية الإنسان الشخصية هو قيد على التعبير عن فرديته و استقلاله و بالتالي هو ضد الحرية و ضد الحياة. ان بامكاننا إذا نحينا التعصبات الايديولوجية جانبا ان ندرك ان الحرية لها ان تتمدد في مساحات أكبر مما تشغله حاليا ، سواء في مجتمعاتنا العربية أو في الغرب ،و بدون أي خوف من الفوضى أو الانفلات ،بل اني أزعم ان الحرية النقية هي الضمان الحقيقي و الوحيد ضد الانفلات و الهمجية ، هذه الحرية لم تتحقق حتى الآن في التاريخ البشري ،و هي الأمل و اليوتوبيا التي يتمناها كل إنسان يعي جيدا قيمة انتمائه للجماعة الانسانية.