12 June 2008

ألوان قوس قزح



لي عينان مبصرتان ... و في الدنيا ألوان

فالأحمر ساخن كالقبلات

و البرتقالي لاذع منعش

و فرحتي بالأصفر همجية

و الأخضر ساذج كالفلاحين

أما الأزرق فثقيل كالقلق

و شقيقه الأصغر لطيف كالنسيم

و لون البنفسج غاضب

غضب من يُطعنون في شرفهم

عندما نعبر عن فرحتنا

بألوان قوس قزح

02 June 2008

الالحاد و الأخلاق

المؤكد أن الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الاخر ليسوا أبدا شرط دخول النعيم الأبدي بعد البعث، فالشيطان-في الأدبيات الدينية الإسلامية - يعلم بوجود الله، فهو يؤمن بوجوده، و يؤمن بوجود الملائكة و الرسل و كتبهم(المقدسة!)، و يؤمن أيضا بيوم القيامة، فهو من طلب من الله أن يبقيه حيا حتى ذاك اليوم،حتى يتسنى له لإغواء البشر ، و استجاب الإله!

إذا فشروط النعيم\الجنة\الملكوت ليست الايمان بوجود الإله، بل بتنفيذ تعليمات الاله، و ربما كانت مسألة الايمان بوحدانية الله ليست ذات أهمية مثل مسألة الطاعة وتنفيذ الأوامر الدينية.

ولماكانت الطاعة و تنفيذ الأوامر في حاجة إلى وجود هذه الاوامر في حد ذاتها ، و بالتالي وجود خالقها،فإن طاعة الإله تتضمن اعترافا بوجوده، فلولا وجود الإله ماوجدت أوامره، الأمر بسيط.

و لكن ماذا يفعل ذلك الذي يحاول التيقن من وجود الله فلا يهديه عقله و قلبه إلا أن ذلك الاله ليس سوى صناعة بشرية؟ فالذي ينكر الإله يؤمن بأن كل ما يسمى بالأخلاق ليس سوى اشتقاقات من الكتب الدينية، و شروط مجتمعية تراكمت على المدى البعيد، فهو حل من الاستمرار في ممارسةالاخلاق طالما آمن أنها فعل بشري محض، و بالتالي فكل ملحد يفعل ما يفعل بناء على اقتناع تام بأن أفعاله تحقق المراد من وجوده كما يراه هو

و لكن هل معنى الانحلال من الالتزام بالاخلاق و المبادئ الموروثة و كل المقدسات البشرية، هل معناه الضروري هو السير عكس هذا الاتجاه و ممارس ما يسمى بالغش و الخداع و الرشوة و الاستقواء على الضعيف و.. و.. الخ؟
الجواب هو :لا ، فانحلال الملحد من الالتزام بالأخلاق الموروثة يضع كل الصفات البشرية -بما في ذلك صفتي الخير و الشر-على نفس المسافة من قلبه، فهو ان اتبع الخير لن يكافأ ، و إن مارس الشر فلن يعاقب من إله قوي قادر.

إذا ، ما الذي يمنع أغلب الملحدين من الانغماس في اعمال الشر كما تعرفها المجتمعات المختلفة؟هناك سببين: أولهما أن الملحد يفعل ذلك احتراما لرغبته الحرة في الاستمتاع بالحياة بدون أن يؤذي الآخرين،و ثاني الأسباب هو احترام قانون مجتمعه.و في المجتمعات المتقدمة العلمانية يجتمع السببين معا ، لأن القانون الوضعي هناك يحقق الهدف الذي من أجله اخترعت القوانين ، و هو تنظيم علاقة الأفراد ببعضهم حتى لا يجور فرد على آخر ، فالمجتمع في هذه الحالة يقوم على خدمة الانسان-كما هو مفترض- و ليس خدمة الذات العليا كما يحدث في المجتمعات المتخلفة

و هناك من يقول أن القانون البشري ليس كعين الله الساهرة، أو انه ليس كالملكين المكلفين بكتابة أعمال البشر ، بمعنى؟أن كثيرا من الجرائم ترتكب بعيدا عن سلطة القانون البشري لأنه ناقص، و بالتالي ففي الالحاد مفسدة للانسان لأنه ما ان يشعر أنه بعيد عن سلطة القانون فسيرتكب كل الجرائم، و اعتقد ان هذا ادعاء سخيف و يقوم بلا دليل، بل إنه ينم عن جهل بمعنى الطبيعة الانسانية، فالانسان ليس شرا مطلقا ، و عموما فإن هذا الفعل -و هو كسر القانون كلما اتيحت الفرصة-لا يقوم به الانسان الذي التزم بالعرف الاجتماعي الذي يتغير بتغير الزمن و تبعا لحاجات البشر ،كما أن هذه النفس المعطوبة التي ترتكب الجرائم بعيدا عن سلطة القانون كانت لتفعل نفس الشئ اذا كانت مؤمنة و غير ملحدة، فالتحايل على القانون موجود وسط أتباع الديانات ايضا ، و هناك تحايلات كثيرة على القانون الديني ، و لنتذكر معا قصة أصحاب السبت في الديانة الاسلامية حيث تحكي القصة عن قوم من اليهود كان يتحايلون على اوامر الرب الذي منعهم من مزاولة الاعمال يوم السبت ، فكانوا ينصبون الفخاخ للاسماك يوم الجمعة لتقع فيها يوم السبت و يجمعونها بعد ذلك في اليوم التالي، و هذا ما ذمه الدين الاسلامي و اعتبره تحايلا. كما أحب أن اضيف ان المجرمين ليست لهم ملة و لا ديانة محددة ، بل منهم المؤمن الذي يقوم بتبرير جرائمه من منطلق ديني مقدس، وأشهر هؤلاء هم الارهابيون باسم الدين

الالتزام بالعرف و الميثاق الاخلاقي للبشرية ليس أبدا وهم، قال لي أحدهم ذات مرة : ما الذي يمنعك من القتل او السرقة او الاغتصاب اذا انت كنت في مأمن من العقاب الالهي؟ كان جوابي عليه كالتالي: و ما الذي يجعل لا عبي كرة القدم من الفريق(أ) يعيدون الكرة الى لاعبي الفريق المنافس(ب) بعدما أخرجها لاعبي (ب) بسبب إصابة احد اعضاء الفريق(أ)؟ليس هناك قانون يجبرهم على هذا ، انما هم يلتزمون بعرف كرة القدم
مثال اخر: ما الذي يمنع اعضاء المجالس النيابية الانجليزية من تجاوز الدستور الانجليزي وهو دستور عرفي غير مكتوب؟
ما الذي يلزم الجنود و الثوار ، و حتى اللصوص ، ما الذي يلزمهم بالصمت و عدم ادلاء معلومات عن شركائهم؟ انه الهدف الماثل في روح كل منهم ، بالاضافة الى توقع المعاملة بالمثل ، فكأن الذي يحترم حقوق الاخرين انما يتمسك بحقوقه هو، لأنه يتوقع من الاخر التزاما مماثلا و احتراما مقابلا ، باختصار:ما يلزم المرء باتباع العرف الاخلاقي للبشرية هو القانون الداخلي لكل انسان ، سلطته الداخلية العقلانية التي حلت محل كل السلطات الخارجية اللاعقلانية، هذا بالاضافة بالطبع الى الردع القانوني كما اشرت من قبل

على هذا فإن اتهام الالحاد بافساد اخلاق الشر امر غير عادل و غير منطقي، فالالحاد لا يتطلب منك ان تفعل الشرور ، الالحاد يتطلب منك هدم منظومة القيم المتوارثة لديك و التي تأسست من أجل تنظيم حياة بشر عاشوا منذ آلاف السنين، ثم إعادة بناء منظومة قيم جديدة على أسس راسخة من احترام الآخر و صيانة حقوقه. المدهش في الأمر انك تشارك في بناء منظومتك القيمية و صرحك الخلاقي الجديد و تشاهد خطوات البناء تمر أمام عقلك خطوة بخطوة، و تحت اشرافك شخصيا، فتصبح ملتزما تماما بهذا العمل الذي أنجزته و تصبح فرصة خروجك عن منظومةالقيم التي أنشأتها ضعيفة لأنها ليست مفروضة عليسك من قبل اله قوادر او سلطة دينية او مدنية باطشة ظالمة

هناك بالفعل بعض الملحدين الذين يتحررون من كل الأخلاق بلا استثناء ، و لايقيمون وزنا لحقوق اقرانهم من البشر، و لكن ليس من العدل ان يتم جعلهم عنوانا للملحدين،هؤلاء الذين انحلوا من اي التزام اخلاقي تجاه البشر الاخرين فقدوا طريقم الى الانسانية، ضاع منهم هدف الاحاد وهو تحرير العقل مع الاستمتاع بالحياة بدون ان نضر الاخرين، من اجل هؤلاء توجد عيادات الاطباء النفسيين