28 March 2008

حكمتك يا رب

كنت واقفا في المترو عائدا من الجامعةن وما أن لمحت مكانا خالياحتى تسابقت عليه مع 3 غيري، و لكني استطعت الفوز به أخيرا

كان الرجل الذي نشرت نفسي بجواره يقرأ في جرنال المصري اليوم تقريرا عن أخبار المصابين في غزة.و كان يركز على الخبر التالي:سيدة بترت رجليها و توفي زوجها و اثنين من أطفالهاعندما أطلقت دبابة إسرائيلية قذيفة على بيتهم، و رغم هذا لا تزال محتفظة بجنينها ، حيث كانت حامل في الشهر الخامس!!

وجدت الرجل يهز رأس يمينا و يسارا بتأثر ثم يلتفت إلي وهو يشير إلى الخبر قائلا:"شوف حكمة ربنا!!أكيد له غرض من ورا ده كله!!حكمتك يارب!!"و نظر لي منتظرا تعليقي فأمنت على كلامه و قلت :"آه ... حكمته!"و ابتسمت في سخرية لمحها الرجل، فهز رأسه و كأنه يصعب عليه عدم فهمي لحكمة الله

تركت الرجل يشرح لمن خ\حوله الحكمة المستخبية و كيف أن الله تعالى رحيم بعباده ، و أنه حافظ على الجنين ليعزي الأم التي فقدت أعز ماتملك.و كنت أنا أسخر منه بداخلي ، و انشغلت عن الدجل و الجدل الدائر بتصفح الكتاب الذي اشتريته للتو، فوجدتني أفتحه على إحدى الصفحات لأقرأ فيها: "إذا تصورنا أن منطق الآلهة يفوق منطق الانسان ، و اذا بررنا الشر باعتباره خيرا لا يعلمه الانسان، فإننا نلغي العقل لصالح القوى الخارقة،و نجعل من اللامعقول معقولا بطريقة تعسفية تجعلنا نستريح ظاهريا من عناء التناقض في واحة التصالح و التسوية، حيث يتم التسليم بغباء الانسان و بلاهته و ضعفه و محدوديته، و يتم......."ا

أغلقت الكتاب بسرعة ، و سرحت قليلا، ثم قلت كالمسحور بصوت سمعه الرجل بجواري: حكمتك يارب! فترك الجدل حوله و نظر لي بلهفة ليقول: مش قلتلك!