12 June 2008

ألوان قوس قزح



لي عينان مبصرتان ... و في الدنيا ألوان

فالأحمر ساخن كالقبلات

و البرتقالي لاذع منعش

و فرحتي بالأصفر همجية

و الأخضر ساذج كالفلاحين

أما الأزرق فثقيل كالقلق

و شقيقه الأصغر لطيف كالنسيم

و لون البنفسج غاضب

غضب من يُطعنون في شرفهم

عندما نعبر عن فرحتنا

بألوان قوس قزح

02 June 2008

الالحاد و الأخلاق

المؤكد أن الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الاخر ليسوا أبدا شرط دخول النعيم الأبدي بعد البعث، فالشيطان-في الأدبيات الدينية الإسلامية - يعلم بوجود الله، فهو يؤمن بوجوده، و يؤمن بوجود الملائكة و الرسل و كتبهم(المقدسة!)، و يؤمن أيضا بيوم القيامة، فهو من طلب من الله أن يبقيه حيا حتى ذاك اليوم،حتى يتسنى له لإغواء البشر ، و استجاب الإله!

إذا فشروط النعيم\الجنة\الملكوت ليست الايمان بوجود الإله، بل بتنفيذ تعليمات الاله، و ربما كانت مسألة الايمان بوحدانية الله ليست ذات أهمية مثل مسألة الطاعة وتنفيذ الأوامر الدينية.

ولماكانت الطاعة و تنفيذ الأوامر في حاجة إلى وجود هذه الاوامر في حد ذاتها ، و بالتالي وجود خالقها،فإن طاعة الإله تتضمن اعترافا بوجوده، فلولا وجود الإله ماوجدت أوامره، الأمر بسيط.

و لكن ماذا يفعل ذلك الذي يحاول التيقن من وجود الله فلا يهديه عقله و قلبه إلا أن ذلك الاله ليس سوى صناعة بشرية؟ فالذي ينكر الإله يؤمن بأن كل ما يسمى بالأخلاق ليس سوى اشتقاقات من الكتب الدينية، و شروط مجتمعية تراكمت على المدى البعيد، فهو حل من الاستمرار في ممارسةالاخلاق طالما آمن أنها فعل بشري محض، و بالتالي فكل ملحد يفعل ما يفعل بناء على اقتناع تام بأن أفعاله تحقق المراد من وجوده كما يراه هو

و لكن هل معنى الانحلال من الالتزام بالاخلاق و المبادئ الموروثة و كل المقدسات البشرية، هل معناه الضروري هو السير عكس هذا الاتجاه و ممارس ما يسمى بالغش و الخداع و الرشوة و الاستقواء على الضعيف و.. و.. الخ؟
الجواب هو :لا ، فانحلال الملحد من الالتزام بالأخلاق الموروثة يضع كل الصفات البشرية -بما في ذلك صفتي الخير و الشر-على نفس المسافة من قلبه، فهو ان اتبع الخير لن يكافأ ، و إن مارس الشر فلن يعاقب من إله قوي قادر.

إذا ، ما الذي يمنع أغلب الملحدين من الانغماس في اعمال الشر كما تعرفها المجتمعات المختلفة؟هناك سببين: أولهما أن الملحد يفعل ذلك احتراما لرغبته الحرة في الاستمتاع بالحياة بدون أن يؤذي الآخرين،و ثاني الأسباب هو احترام قانون مجتمعه.و في المجتمعات المتقدمة العلمانية يجتمع السببين معا ، لأن القانون الوضعي هناك يحقق الهدف الذي من أجله اخترعت القوانين ، و هو تنظيم علاقة الأفراد ببعضهم حتى لا يجور فرد على آخر ، فالمجتمع في هذه الحالة يقوم على خدمة الانسان-كما هو مفترض- و ليس خدمة الذات العليا كما يحدث في المجتمعات المتخلفة

و هناك من يقول أن القانون البشري ليس كعين الله الساهرة، أو انه ليس كالملكين المكلفين بكتابة أعمال البشر ، بمعنى؟أن كثيرا من الجرائم ترتكب بعيدا عن سلطة القانون البشري لأنه ناقص، و بالتالي ففي الالحاد مفسدة للانسان لأنه ما ان يشعر أنه بعيد عن سلطة القانون فسيرتكب كل الجرائم، و اعتقد ان هذا ادعاء سخيف و يقوم بلا دليل، بل إنه ينم عن جهل بمعنى الطبيعة الانسانية، فالانسان ليس شرا مطلقا ، و عموما فإن هذا الفعل -و هو كسر القانون كلما اتيحت الفرصة-لا يقوم به الانسان الذي التزم بالعرف الاجتماعي الذي يتغير بتغير الزمن و تبعا لحاجات البشر ،كما أن هذه النفس المعطوبة التي ترتكب الجرائم بعيدا عن سلطة القانون كانت لتفعل نفس الشئ اذا كانت مؤمنة و غير ملحدة، فالتحايل على القانون موجود وسط أتباع الديانات ايضا ، و هناك تحايلات كثيرة على القانون الديني ، و لنتذكر معا قصة أصحاب السبت في الديانة الاسلامية حيث تحكي القصة عن قوم من اليهود كان يتحايلون على اوامر الرب الذي منعهم من مزاولة الاعمال يوم السبت ، فكانوا ينصبون الفخاخ للاسماك يوم الجمعة لتقع فيها يوم السبت و يجمعونها بعد ذلك في اليوم التالي، و هذا ما ذمه الدين الاسلامي و اعتبره تحايلا. كما أحب أن اضيف ان المجرمين ليست لهم ملة و لا ديانة محددة ، بل منهم المؤمن الذي يقوم بتبرير جرائمه من منطلق ديني مقدس، وأشهر هؤلاء هم الارهابيون باسم الدين

الالتزام بالعرف و الميثاق الاخلاقي للبشرية ليس أبدا وهم، قال لي أحدهم ذات مرة : ما الذي يمنعك من القتل او السرقة او الاغتصاب اذا انت كنت في مأمن من العقاب الالهي؟ كان جوابي عليه كالتالي: و ما الذي يجعل لا عبي كرة القدم من الفريق(أ) يعيدون الكرة الى لاعبي الفريق المنافس(ب) بعدما أخرجها لاعبي (ب) بسبب إصابة احد اعضاء الفريق(أ)؟ليس هناك قانون يجبرهم على هذا ، انما هم يلتزمون بعرف كرة القدم
مثال اخر: ما الذي يمنع اعضاء المجالس النيابية الانجليزية من تجاوز الدستور الانجليزي وهو دستور عرفي غير مكتوب؟
ما الذي يلزم الجنود و الثوار ، و حتى اللصوص ، ما الذي يلزمهم بالصمت و عدم ادلاء معلومات عن شركائهم؟ انه الهدف الماثل في روح كل منهم ، بالاضافة الى توقع المعاملة بالمثل ، فكأن الذي يحترم حقوق الاخرين انما يتمسك بحقوقه هو، لأنه يتوقع من الاخر التزاما مماثلا و احتراما مقابلا ، باختصار:ما يلزم المرء باتباع العرف الاخلاقي للبشرية هو القانون الداخلي لكل انسان ، سلطته الداخلية العقلانية التي حلت محل كل السلطات الخارجية اللاعقلانية، هذا بالاضافة بالطبع الى الردع القانوني كما اشرت من قبل

على هذا فإن اتهام الالحاد بافساد اخلاق الشر امر غير عادل و غير منطقي، فالالحاد لا يتطلب منك ان تفعل الشرور ، الالحاد يتطلب منك هدم منظومة القيم المتوارثة لديك و التي تأسست من أجل تنظيم حياة بشر عاشوا منذ آلاف السنين، ثم إعادة بناء منظومة قيم جديدة على أسس راسخة من احترام الآخر و صيانة حقوقه. المدهش في الأمر انك تشارك في بناء منظومتك القيمية و صرحك الخلاقي الجديد و تشاهد خطوات البناء تمر أمام عقلك خطوة بخطوة، و تحت اشرافك شخصيا، فتصبح ملتزما تماما بهذا العمل الذي أنجزته و تصبح فرصة خروجك عن منظومةالقيم التي أنشأتها ضعيفة لأنها ليست مفروضة عليسك من قبل اله قوادر او سلطة دينية او مدنية باطشة ظالمة

هناك بالفعل بعض الملحدين الذين يتحررون من كل الأخلاق بلا استثناء ، و لايقيمون وزنا لحقوق اقرانهم من البشر، و لكن ليس من العدل ان يتم جعلهم عنوانا للملحدين،هؤلاء الذين انحلوا من اي التزام اخلاقي تجاه البشر الاخرين فقدوا طريقم الى الانسانية، ضاع منهم هدف الاحاد وهو تحرير العقل مع الاستمتاع بالحياة بدون ان نضر الاخرين، من اجل هؤلاء توجد عيادات الاطباء النفسيين

21 May 2008

إكتئاب




كنت جالسا في غرفة تطل على الشارع

يبدو ان الجدار الذي يطل مباشرة على الشارع قد تم استبداله بحاجز زجاجي سميك

الزجاج متسخ، لم يتم تنظيفه منذ تم تركيبه عشوائيا بواسطة بعض الهواة الغير متخصصين

الرؤية معتمة، أرى الناس بالخارج كالأشباح من فرط اتساخ الزجاج.هل هم أشباح حقا أم اني فقط أراهم هكذا؟؟تأتيني أصواتهم أيضا خافتة غير واضحة ، فلا أسمع غير صوتي أنا

أنا جالس على الكرسي - الذي كان مريحا - أراقب الناس بعين ناعسة وراء الزجاج المتسخ ، أنتظر أن يأتي واحد لتنظيف الزجاج ، و أتناول أنا رقائق الشيبس ، أنظر إلى الشارع

الليل و النهار يتعاقبان و الوضع لا يتغير ، لا تزال الرؤية معتمة و لايزال الصوت خافتا

بعد يومين ، أو شهرين ، أقوم ، أكسر الزجاج المتسخ

سألني: هل أنادي العمال لتركيب زجاج جديد ؟ أجبت : كلا ، هكذا أوضح

13 May 2008

فلسطين ليست عربية

-كنت امشي في الجامعة حينما شرع بعض الاشخاص-المحسوبين على تيار الإسلام السياسي-في توزيع مسابقة (ثقافية) و كانت الجائزة الكبرى ممنوحة لمن يجيب على السؤال التالي: كيف تدلل -بايجاز- على عروبة فلسطين؟

لما قرأت هذا السؤال سألت الشاب الذي قدم لي ورقة المسابقة : و هل فلسطين حقا عربية؟؟ و كانت إجابته حاضرة "اه طبعا !" مع قليل من ارتفاع الحاجبين و اتساع العينين دلالة الاستغراب-و ربما الاشمئزاز-من طرح سؤال حول هذا الشئ المقدس الذي لا غبار عليه.

-إذا لم نسأل؟ السؤال-عادة- يأتي للشك ، أو لايجاد دليل ،و لكن هذا السؤال بالذات بلا معنى ، فنحن لسنا في درس فيزياء نحاول اثبات كروية الأرض لنلم بالخطوات و طرق التفكير العلمي المنظمة التي اتبعها السلف الصالح في الفيزياء ، إنما قضية فلسطين لا تنفع فيها الحتميات من قبيل "فلسطين عربية" أو "اسرائيل دولة اليهود".

-ما الخطوات التي يتبعها مريدي العروبة و القومية لأجابة هذا السؤال؟ انه يلجأون إلى التاريخ ،ذلك الكائن المسخ الذي يهيمن على عقول البشر كفيروس خطير لا نجد له علاجا حتى الآن في المنطقة العربية. التاريخ الذي كتبه المنتصرون ،و الذي شوهه-أحيانا-اللاحقون لمصلحتهم ، انه التاريخ الذي لن تتثبت من صحته الا إذا تطورت علوم الفيزياء لتوجد لنا آلة الزمن!

-سنعود إلى الماضي السحيق ، إلى ما قبل العروبة حتى ، لنثبت ان سكان فلسطين الاصليين من العرب. أي عرب؟ أي عرب و العربية لم تنطق بعد؟

-يرد عليك مقدسو العروبة : الجنس العربي ، أو القبائل التي تحدثت العربية فيما بعد!
-آه! هنا تختلف المسألة. ليست إذا قضية لغوية بحتة ، إنما يدخل فيها التعصب العنصري العربي ،فطالما سكنتها قبائل تحدثت العربية فيما بعد ،إذا فلسطين عربية!

-لو اننا سنعود إلى الماضي السحيق بهذه الطريقة فسيكون علينا هدم الكرة الأرضية و إعادة بنائها من جديد ،سيكون علينا طرد السكان البيض في استراليا و أمريكا و اعادتهم إلى أوروبا ،و لكن أي أوروبا؟ ان منهم -بل اكثريتهم - من هو نتاج أجناس أوروبية شتى تزاوجت معا في العالم الجديد . سنعيد الأفارقة السود إلى افريقيا ،و لكن أين يذهب من هم على شاكلة باراك أوباما ذي الاصول المهجنة؟إلى أوروبا أم افريقيا؟ أم نشطرهم نصفين؟؟! هل نتسامح إذا لو طلب البربر طرد العرب المحتلين ، سواء بحجة اختلاف العرق أو اللغة،أو من سكن الأرض أولا ، كما نبرر عروبة فلسطين؟هل سيطالب سكان شرق افريقيا من الزنوج بطرد ذوي الاصول العرقية الغير نقية من ساحل القارة الشرقي ،و الذين نتجوا من التزاوج مع العرب العمانيين عندما كانوا يسيطرون على الساحل؟

هل و هل و هل ..... هل نقلب الكرة الأرضية من أجل اثبات عروبة بقعة من الأرض؟
-هذا المنطق -الذي يتخذ من التاريخ مرجعا- غير ملائم ابدا لفلسطين. ثم أي تاريخ يراد به المرجعية :التاريخ القديم منذ ان وطأت قدما أول إنسان الأرض بعد النزول من على الشجر؟ أم العصر الحجري ، أو عصر ما بعد بدء التدوين باختراع الكتابة؟ أو نختار مرحلة العصور الوسطي لنضمن تماما ان يكون سكان فلسطين من العرب؟ و على أي أساس سنختار مرحلة تاريخية بالذات بدون غيرها؟

-لا أحب ان يتم استدراجنا بواسطة المعتدين الاسرائيليين لاستخدام منطق مغلوط. منطق التاريخ كان منطق الصليبيين ،و هو نفس منطق الاسرائيليين . و كذلك-بالحرف- منطق الدين. مثل هذه الأساليب لاثبات انتماء الأرض لمجموعة من الناس لا تحدي نفعا ، فلو كانت لديك حجة ،ستجد لديهم ألف ألف حجة. لكل هذا فانني لا ارى فائدة كبرى تعود على العرب بمغالطة العالم و العقل باستخدام الأسلوب التاريخي لاثبات انتماء فلسطين للعرب.كما ان استخدام الدين لا ينفع أيضا ،فلو صرفنا النظر عن ان الدول العلمانية الغربية لن تلتفت لهذه الادعاءات ، فهذا المنطق قد يستغل بشكل أفضل و أكثر اتساعا لتقسيم لبنان إلى نصف مسلم و آخر مسيحي . كما ان استخدام اللغة لاثبات انتماء فلسطين للمنطقة الناطقة بالعربية قد يعمل على تقسيم العراق و سوريا (الاكراد) و مصر و السودان (النوبيين) و بلاد المغرب (الامازيغيين).

-بأي شكل من الاشكال ،فإن محاولات اثبات عروبة فلسطين يعد نوعا من العنصرية و التعصب المقيت الذي ينفر منه كل إنسان يحب الانسانية و يسعى للسلام ،و هو نوع من (أقلمة) القضية ليتم تداولها بين الاقاليم العربية ،بدلا من جعلها قضية انسانية دولية تهم الإنسان أيا كان عنوانه ،و مهما اختلف دينه أو عرقه أو لغته.

-قضية فلسطين قضية انسانية حقوقية بالمقام الأول، قضية شعب تمارس ضده أفعالا عنصرية من جاره في الأرض ،أرض فلسطين ،لنطالب بوقف العنصرية الاسرائيلية ضد السكان العرب ،و بالمثل -و بالتوازي- توقف العداء العربي للاسرائيليين . انها قضية لاجئين يحنون لوطن عاشوا فيه أطفالا قبل تهجيرهم رغما عنهم ليشبوا خارجه و لكن لم يمت بداخلهم الحنين لملاعب الطفولة. و على الجانب الآخر نجد شعبا اسرائيليا هاجر جيله الأول منذ أكثر من 60 عاما ، فنشأت على أرض اسرائيل أجيال لا تعرف وطنا الا اسرائيل ،و أي محاولة لطرد هؤلاء من منازلهم لن تقل في بشاعتها عن طرد و تهجير السكان العرب منذ أكثر من 60 عاما.

-ان حركة حماس و مختلف الميليشيات الاسلامية المسلحة في فلسطين تمارس العنف ضد اسرائيل من منطلق ديني ،فتعطي بهذا الحجة لاسرائيل و قادتها لتطالب بالنص على ان تكون اسرائيل دولة لليهود فقط في حصر يهدد بمأساة جديدة و هي طرد السكان العرب المقيمين باسرائيل و المعروفين باسم عرب 48.

-لقد كان خلق اسرائيل داخل الأراضي العربية خطيئة كبرى من خطايا القوى الاستعمارية في النصف الأول من القرن العشرين ،و كان استمرار الانحياز الأمريكي -بالذات- إلى جانب اسرائيل في مذابحها المتكررة لأبناء العرب خطيئة أخرى ،و كان إهدار الطرفين -العربي و الاسرائيلي - لفرص السلام المتكررة خطأ مازحا من كلا من الطرفين ،و كل من العرب و الاسرائيليين مسؤول عن الوضع السيئ للفلسطينيين حاليا.

-قضية فلسطين لم تكن نكبة على أهلها فقط ،بل كانت مصيبة على الجيران العرب ، خصوصا بعدما انتهزت الأنظمة العربية الفرصة لشد انتباه الشعوب بعيدا عن فسادها و اخطائها و عدم صلاحيتها لادارة البلاد ،و ذلك بالشعارات التي تشبه "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" ،مما ادى إلى تفويت مراحل تاريخية ثمينة كان بامكانها ان تحول دولنا إلى دول ديموقراطية ،و ربما متقدمة أيضا.

-فلسطين لا ينفع معها الحل المطروح حاليا و هو دولتان بحدود مشتركة،فعلى أي أساس يتم رسم الحدود؟ سنة 47 أو 67 أو ما قبل الانتفاضة ؟ ان الحل المطروح الآن لا يجعل من فلسطين -التي ستكون-الا دولة تشبه ارخبيلات المحيط الهندي بعد التوسع الاستيطاني الاسرائيلي -الذي لا يزال مستمرا- في أراضي الضفة الغربية ،فتقطعت فلسطين إلى ما يشبه "الجزر الفلسطينية في بحر اسرائيل". الدولة المطروحة بهذه الهيئة ستتكون من جزيرة غزة الكبرى و مجموعة جزر الضفة الغربية تربط بينها جسور و انفاق، ستكون خاضعة تماما لسلطة الدولة الاسرائيلية و تحت رحمتها ، الدولة المطروحة -حسب آخر معطيات مؤتمر أنابوليس-سيكون عليها بمساحتها المحدودة الخانقة ان تستوعب أبناءها و العرب الاسرائيليين -الذين سيتم طردهم لتحقيق يهودية اسرائيل- بينما ستبقى قضية اللاجئين بلا حل ،و كذلك سيظلم أحد الطرفين- الفلسطيني غالبا -في موضوع القدس التي يراها كل من الطرفين حقا أصيلا ، و لكل منهم اثباتاته التاريخية.

-الحل العادل برأيي سبق ان طرحه الكثير من المفكرين ،و هو دولة واحدة تجمع الفلسطينين و الاسرائيليين في قومية واحدة ،دولة علمانية تتخذ من المواطنة و احترام العقائد و نبذ العنف دستورا لها ، دولة تكون حقا مثالا للانسانية و اثباتا على قدرة الإنسان على التسامي فوق التعصب و القبلية و سيطرة الكهنة.

-ما السبيل لتحقيق هذه الدولة الواحدة الجديرة بالاحترام؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي حقا ان يسأل و تقام من أجله الندوات و المؤتمرات ، اما مجاراة الاسرائيليين في مسابقة :"من تواجد على هذه الأرض أولا؟" فليس بالأمر الحكيم.

-حل القضية يكون بتدويلها ،و اخراجها من قضية تخص العرب إلى قضية تخص الإنسان ،و تحويلها من قضية صراع عربي اسرائيلي إلى صراع بين أنصار المدينة و السلام و المواطنة على جانب ،و أنصار التعصب و التطرف و العنف الديني على الجانب الآخر ،صراع بين الإنسان المتحضر و الإنسان البربري سليل العصور الوسطى ،حيث يحل السيف-الاصدق أنباء- محل الكتب.

04 May 2008

طائرة ورقية

-أجدني في فراغ ، ان شئت قل اني تفاجأت اني موجود اصلا!

-من انا؟ و لم ؟ و لم هنا بالذات؟

-أرى اصابعي تلتقط التساؤلات و تشكلها ، تظهر بيدي طائرة ورقية بيضاء لها ذيل طويل ، و اجدني مدفوعا برغبة ما الى اطلاق الطائرةفي الهواء الذي بدأ يهب، و كأنني سأجيب عن الأسئلة اذا ما طارت الطائرة

-أخشى على الخيط الابيض الذي يربطني بها من الانقطاع ، امسك به جيدا، بمرور الوقت كانت سرعة الهواء تزيد ، و كان لا بد من الاجابة عن الاسئلة، فالهواء سيطيح بي بعد فترة طالت او قصرت، كما انني لا انوي البقاء هنا الى الأبد، ما معنى الأبد؟

-الطائرة الورقية لم تجب عن الأسئلة بعد، فلأرفعها قليلا الى السماء-الوقت يمر ، ولم تنطق الطائرة بعد، يبدو انني نسيت: لماذا تركت الطائرة تنطلق في الهواء؟؟ لا أعلم ، و لكن ربما سأقاسي الاما من نوع خاص اذا تركت الطائرة تفلت؟ آه .. نعم.. الأمر هكذا بالتأكيد، و الا فلتفسروا لي تمسكي الشديد بخيط طائرتي الورقية؟

-نسيت الهدف تماما ، و صار زيادة ارتفاع الطائرة الورقية في السماء هو هدفي،،و به سأجني الخير،. من قال هذا؟ لست اذكر بالتحديد ، ولكني اشعر به، و هذا يكفي!!ا-

-اسرع من وتيرة رفع الطائرة الورقية الى السماء و انا متمسك تماما بالخيط،فالخيط سيهديني الى طريق الخير ، و في افلاته عذاب واقع،و الجو يزداد سوء حتى بدت سرعة الهواء اشبه بعاصفة.-ازدادت سرعة الرياح، او قل تضاعفت فجأة، الهواء يحرك طائرتي الورقية بشدة و الخيط يكاد ينقطع،أحارب الهواء و احاول انزال الطائرة حتى لا ينقطع الخيط ، فتضيع ، فأضيع!

-انقطع الخيط أخيرا... ضاعت الطائرة... ياويلتي!أغمض عيني استسلاما لألم قادم، و لكن... لا ألم ابدا!!!ا

-هدأ الهواء مرة واحدة حتى أصبح نسيما- تعود الأسئلة مرة أخرى: من أنا ؟ و كيف؟ و لم هنا بالذات؟ و يضاف اليها سؤال جديد : ماذا حدث؟

-لدهشتي و عجبي تظهر في يدي طائرة ورقية جديدة اكبر و ذيلها اطول و الوانها اكثر ، و هاتف بداخلي يهتف: اطلق الطائرة!!

28 April 2008

لماذا تسود الطحالب ؟

علمت بالخبر عندما كنت أسير في الشارع.احتلت مدينتنا مجموعة من الحيوانات المتوحشة الضخمة، هربت من السلطات في غفلة من حراسها. لا أحد يعلم على وجه التحديد ماذا كانت السلطات تفعل بهذهالوحوش. كان من نصيب القسم الذي أسكن فيه أسود ضخمة بحجم الأفيال.

لمحت ثلاثة منهم في طريق عودتي إلى المنزل.كانت أحجامهم مثيرة للرعب، و أصواتهم كأنها زئير أسود يختلط بصهيل الأحصنة و ثغاء الأبقار.كان اثثنان منهما بالغين بحجم الفيل كما ذكرت، و الثالث مراهق صغير لا يزال حجمه بحجم الأسد الطبيعي او أكبر قليلا. انصرف أحد البالغين ليتولى فرض السيطرة على جزء من المدينة بينما بقى الآخر يستمتع بوحبة دسمة عبارة عن خرتيت ضخم الجثة. أكل ، و شبع، و نام بجوار فريسته في وسط الشارع الذي كان ينبغي لي أن أعبره لأصل إلى بيتي، إلى الأمان.

أتساءل:أين الجيش؟أين الشرطة؟أين القانون؟ أين الناس؟ فيجيبني دب قطبي: الجيش و الشرطة في خدمة الوطنن و القانون في الأدراج، و الناس في منازلها تتفرج

سكت صوت الأسد البالغ إلا من زفرات وحشيةبين الحين و الآخر ، فكرت أن اعبر الطريق لأني أعلم أن الاسود لا تفترس عندما تشبع، ولكني تراجعت عن هذه الفكرة، فهذا الاسد لا يبدو طبيعيان هذا يبدو أسدا متوحشا!!

كان الأسد المراهق يراقب الموقف أيضا من بعيد، يبدو أنه يتطلع إلى جزء من الفريسة التي غنمها الأسد الكبير.تبدو هذه الاسود خسيسة لها طبع الضباع. اطمأن الأسد المراهق إلى نوم الأسد الكبيرو بدأ يقترب بحذر من الفريسة الملقاة بجوار الأسد الكبيرزائدة عن حاجته، وما ان اقترب الصغير امتارا حتى استيقظ الكبير في قمة الثورة و الغضب. حاول الصغير الهرب و لكن الكبير أبى إلا أن يؤدبه، فاغتصبه، وحاول أن يقتله بعدها، ودارت معركة غير متكافئة بين الأسدين راقبتها أنا من بعيد متمنيا ألا يلتفتوا إليّ. و لكنن تخيب آمالينينتهي الصراع بينهما بأن يهرب الصغير من الكبير..ز في اتجاهي مباشرة

اتلفت حولي بحثا عن النجاة فلا أجد سوى مبنى تحت الإنشاء فألجأ إليه مسرعا قلبي ينبض بعنف. و كأنهما يقصداني ، وجدت محاولة الصغير للهرب تنتهي عند المبنى الذي ألجأ إليه.

وجدت الأسد الصغير يتحول إلى صورة إنسان و يتسلق المبنى،م بينما يعجز الكبير أن يتحول أو يتسلق، و انصرف مزمجرا

تنفست الصعداء ن و توقعت أن يعود الأسد المتحول إلى طبيعته، ولكن يبدو أنه مازال جائعا . يستمر في التسلقبصورته البشرية ، و أنا أهرب منه حتى وصلنا إلى السطح.أنظر إليه : يبدو وسيما أشقر الشعر مفتول العضلات، عاري من الثياب إلا من خرقة تداري عورته، يشبه الانسان الهمجي في هيئته.يبدو جذابان و تبدو سحنته مريحةو أكاد أطمئن إليه و لكن أتذكر أن أسد!أحاول الهرب و لكنه يحكم الحصار.يغتصبني و لا أحاول المقاومة، فلو قاومت سيتحول إلى صورة الأسد و تنهشني أنيابه.

يبدو أنه يتوقع أن يلتهمني بعد أن ينهي اغتصابه لي، انتهز ذروته و تراخيه لأهرب

أصل إلى البيت لاهثا. ألمح حمامة بيضاء صغيرة على الشباك، تقترب مني ، تلمسني ، تتحول إلىمراهق جميل الشكل صغير الحجم. انتقم من الأسد و أغتصب الحمامة في صورتها البشرية. تحول الفتي -بعد أن اغتصبته- إلى حمامة مرة أخرى، شعرت بالجوع و حاولت ذبحها لآكل، هربت مني.

وجدتها تطير إلى شاطئ البحر، تجد سلحفاة صغيرة. تقوم الحمامة باغتصاب السلحفة التي زحفت بمثابرة حتى غطتها المياه، فاضطرت الحمامة إلى تركها تغطس في الماء و طارت هي بعيدا

تختفي الحمامة في المياه لدقائاق، ثم تثور المياه. يحدث تسونامي هائل يغطي سطح الكرة الأرضية

تنحسر المياه شيئا فشيئا ، و تظهر مساحات من اليابسة.رطبة مازالت، فتنمو عليها الطحالب بكثرة، و تسود الطحالب كوكب الأرض

24 April 2008

الأوغام



-كنا قبيلة بها حوالي ألف نسمة، محصورين في مساحة ضيقة من الأرض ، مساحة لها حدود رسمها أعضاء الجماعة الأكبر سنا، قالوا: بعد هذه الحدود ألغام مميتة.
-كانت أرضنا التي نعيش عليها فقيرة، ربما كانت تلبي احتياجات الأجداد ، و لكن مع تزايد أعداد الجماعة صارت هناك حاجة ملحة لكسر الحدود من أجل البحث عن موارد إضافية تساعد على العيش براحة أكثر و كرامة أكبر، و لكن كان شيوخ القبيلة يتصدون لأي محاولة لكسر الحدود، حيث اعتبروا أن من يتخطى الحدود يلقي بنفسه في التهلكة، و ربما يثير تمرد بعض الشباب الطائش ، و بالتالي رأوا انه من الحكمة، و لصالح القبيلة العام أن يمنعوا أفرادها من تخطي الحدود ، و لضمان هذا قاموا بتعيين عدد من شباب القبيلة المعروفين بولائهم للشيوخ لحراسة الحدود و منع اختراقها، كنت أنا واحد منهم.
-كان الأمر شاقا في البداية، فقد كانت هناك أعداد كبيرة من شباب القبيلة يتوافدون على الحدود و يجلسون عندها مباشرة بالساعات يتأملون فيما خلفها ، و يفكرون في مدى صحة أقوال الشيوخ، و كان بعض منهم يلقي بالأحجار إلى ما وراء الحدود عساها تفجر لغما ما فيتأكد الجميع،ولما لم ينفجر أي لغم دب الشك في قلوب بعض الشباب، فتدارك الشيوخ الموقف و قالوا أن وزن الأحجار صغير لا يكفي لاستثارة الألغام ،فوجدنا -في اليوم التالي- عددا من الشباب يحمل أثقالا كبيرة و حيوانات نافقة لالقائها خارج الحدود و التأكد من كلام الشيوخ، فلما رأى شيوخ القبيلة ذلك فزعوا فزعا شديدا ، و أصدروا أمرا بمنع الاقتراب من الحدود الأصلية، و قاموا برسم ما أسموه : حدود ما قبل الحدود، و أمرونا أن نمنع أي من أبناء القبيلة من عبورها، بل من الاقتراب منها أصلا!!
-كان يلجأ إلى قبيلتنا أحيانا بعض التائهين في الصحراء ، فكنا نكرمهم و نحتفي بهم، و لكن كانت أوامر شيوخ القبيلة صارمة في عدم مغادرتهم للحدود أبدا ؛ فوراءها ألغام قاتلة، فلما حاول بعض الغرباء تنبيه الشيوخ أنهم أتوا من خارج الحدود و لم ينفجر فيهم أي لغم و لكن الشيوخ أرجعوا ذلك الى عناية السماء و حب الله لهم، فلما اعترض الغرباء على هذا التعسف قال الشيوخ ان هذا قانون القبيلة و ليس لغرباء مثلهم أن يتدخلوا في قانونها الداخلي، فلم يجبرهم أحد على اللجوء إليهم.و أتذكر حادثة إعدام أحد الغرباء الذي حاول التمرد و كسر الحدود فقبض عليه الشيوخ و أعدموه فجر اليوم التالي....
-بعد رسم حدود ما قبل الحدود لم يعد هناك من يقترب من الحدود الأصلية، و لكن ازدادت مساحة الأرض ضيقا بعد أن تآكلت مساحتها نتيجة نشوء المنطقة المحرمة ، و هي المنطقة الواقعة بين الحدود الأصلية و حدود ماقبل الحدود، و هي منطقة آمنة ، و لكن لا يسمح بالدخول فيها إلا للشيوخ و العواقل فقط، أما الباقين -بمن فيهم حراس الحدود- فغير مسموح لهم بالتواجد فيها مطلقا....
-لم تعد المهمة شاقة ، فلم يكن هناك الكثير ممن يحاولون الوصول للحدود الأصلية، فالكل يخشى على نفسه من الألغام وراء الحدود ، و من عقاب الاقتراب منها، ورغم هذا ، كان هناك بعض المغامرين الذين كانوا يحاولون التسلل مستترين بظلام الليل...
-نتجت عن عملي هذا أوقات فراغ كثيرة، فقد كنت اجلس بالساعات-و ربما بالأيام- بدون أن يمر واحد بالقرب من حدود ما قبل الحدود.فكنت أشغل وقتي بالغناء حينا، و التأمل حينا آخر، و في يوم برقت في عقلي فكرة:لماذا لا يمكن أن تكون الحدود الأصلية هي حدود ما قبل الحدود التي رسمها أجداد أجدادنا لنفس الظرف الذي نشأت فيه مساحتنا المحرمة، و بالتالي فربما كانت هناك مساحة آمنة ونظيفة من الألغام خلف الحدود الأصلية و يمكن الانتفاع منها لصالح القبيلة و أفرادها. وجدت في نفسي استحسانا لهذه الفكرة ، ولكني لم أجرؤ أبدا أن أعرضها على الشيوخ خوفا من العقاب....
-و في أحد الأيام، أسررت لزميلي -الذي يتناوب معي على حراسة حدود ما قبل الحدود -بافكاري و توقعاتي، فحذرني من عاقبة ما أفعل، و وجدته يخبر الشيوخ متعللا بحرصه على مصلحتي، و توجس مني الشيوخ ريبا ، و وضعوا لي برنامجا للتوعية بأخطار الألغام وكيف أن الكثيرمن الأجداد هلكوا لما عبروا الحدود، أظهرت لهم اقتناعي بكلامهم و ان اضمرت في نفسي أني لا زلت مقتنعا بفكرتي: حدودنا الأصلية هي حدود ماقبل الحدود التي رسمها أجداد الأجداد. فرض الشيوخ بعض المراقبة عليّ بعد جلسات النصح ، و لما رأوا مني التزاما تاما بتعليماتهم استعادوا الثقة في شخصي ، وعادت الأمور إلى طبيعتها كما كانت قبل أن يشي بي زميل الحراسة....
-و بعد تردد ، قررت أن افعلها ، وأتخطى الحدود الأصلية لأرى ما خلفها، و كنت قد تخطيت حدود ما قبل الحدود من قبل في مغامرة آمنة بعض الشئ. و لكن هذه المرة قد يكون فيها هلاكي.ورغم هذا ، فقد حاولت أن أطمئن نفسي أني أخدم القبيلة كلها ، فإذا كانت فكرتي صحيحة فسوف تنتفع بها كل القبيلة، و ان أخطأت فسأموت شهيدا، لأني صافي النية..!
-و لأني من حراس الحدود، فقد كنت أعلم النقاط التي تخلو من المراقبة في أوقات معينة من النهار، و هي الأماكن المناسبة للتسلل و دخول المنطقة المحرمة، ومنها إلى الحدود الاصلية.
-في عصر احد الايام بدأت تنفيذ الفكرة، و تخطيت حدود ما قبل الحدود و قلبي ينبض بعنف من شدة الانفعال و الرهبة، وبدأت اسير بحرص في المنطقة المحرمة متجها نحو الحدود الأصلية..
-لسوء حظي ، لمحني احد زملائي المكلفين بالمراقبة، صرخ ينبهني فلم ألتفت له، كنت قد وضعت كل همي في تنفيذ فكرتي و عبور الحدود الاصلية. ذهب زميلي -لما لم يجد مني انتباها-ليطلب مساعدة الشيوخ ظنا منه أنني ضللت الطريق، فأتى الشيوخ بأقصى سرعة سمحت بها خطواتهم الثقيلة و أعمارهم الكبيرة، و صاحوا فيّ بغضب: عد....عد..، لم أعيرهم اهتماما...
-وصلت إلى الحدود الأصلية و وقفت ألتقط أنفاسي، نظرت إلى المدى البعيد الواسع خلف الحدود فرأيت مساحات من الأرض الخصبة التي تنمو فيها الأعشاب بغزارة، وتمنيت أن تكون فكرتي صحيحة فتنتفع القبيلة كلها بالخير الوفير الذي ستضمنه لنا الأرض الخصبة. ركزت تماما في هذه الفكرة حتى لا يدفعني الخوف إلى النكوص و التراجع.وضعت قدما خارج الحدود الأصلية ، وسمعت شهقات القبيلة التي تجمعت كلها على الحدود، و احتبست الأنفاس. أغمضت عيني و أخرجت قدما أخرى... أنا الآن بالكامل خارج الحدود الأصلية!!!
-بدأت أرتعش بشدة...تذكرت القصص التي رووها لي عن هؤلاء الذين ماتوا خلف الحدود...شعرت بالخوف الشديد من وضع قدم أخرى، قلت :يكفي هذا اليوم. وسط الصمت سمعت رجلا يشرح لطفله:"لم يمت لأنه محظوظ، لأن الله يحبه.وضع قدميه على منطقة خالية من الألغام".قلت لنفسي:هكذا إذا!!
-سمعت صوت خيول الشيوخ تقترب ، ألمح في عيونهم شررا، ينوون بي شرا ، أنظر إلى الجموع المحتشدة و أرى في عيون البعض أملا في أن تكون الأرض خالية من الألغام حقا. اقتربت مني خيول الشيوخ حتى صار يفصلها عني ثوان فكرت سريعا:هنا سأموت وهناك سأموت لأني خرقت قانون القبيلة، فلأكمل المغامرة حتى النهاية.
-التفتّ إلى الخيول المقتربة فوجدتها أقرب مما تصورت،فزعت،تعثرت،وقعت على ظهري ، وسمعت شهقات جديدة من الجميع: الجمهور و الشيوخ...
-توقف المشهد تماما و خلا من أي حركة إلا لشخص واحد: انا! قمت من على الأرض بحذر و رفعت قدما إلى الأمام، و سمعت الشهقات....لم يحدث شئ.إما أني محظوظ جدا ، و إما أن نظريتي سليمة.تحركت خطوة اخرى، و ثالثة ، ورابعة، و في كل مرة أضع فيها قدما على الأرض تعلو الشهقات من الجميع.أفرح بنجاتي من الألغام...أجري..أرقص...أقفز فرحا، و ألوح للجميع من هنا. نادى الشيوخ بصوت كله رقة: "عد يابني!"، أقول : "الأرض خالية من الألغام ، لماذا نحبس أنفسنا؟؟" يقولون: "من يدريك؟" أقول: "لا ألمحها، و لم تنفجر فيّ !!"يقولون: "ليس هذا بدليل على عدم وجودها".أسأل بدهشة: "إذا ما الدليل؟!"يقولون كالمنومين و أيديهم على صدورهم:"أن يشعر قلبك بوجودها...هذا هو الدليل...!!!"
-الآن عرفت أنهم مخرفون، أقصد الشيوخ، أما أهل قبيلتي البسطاء فهم مخدوعون، يظنون-حتى اللحظة- أني محظوظ، فقط محظوظ! أدرت لهم ظهري، و أخذت أسير في هدوء نحو الأرض الخصبة متجاهلا نداءات الشيوخ المخرفين، وعندما التفتّ للمرة الأخيرة وجدت ثلاثة شباب في المنطقة المحرمة...يحركون أقدامهم بحرص..و حذر....

23 April 2008

زي كل سنة طبعاً

-اشق ثمرة الرمان بسكين له لون كلون الجسد ،فتسقط منها قطرات حمراء لزجة ، فتبدو كفتاة عذراء اقتحمت للتو من قبل شاب فتي ، فسالت منها دماء براءتها الجنسية. أواصل عملي بلا كلل ، هكذا يعلمنا الرمان : لن تنال الأجر بغير عمل.

-أعمل جاهدا على تحرير حبات الرمان من أسرها الأبدي ، فتقفز في مرح إلى الطبق الأبيض الذي أعددته لها ، غير مدركة ان وقت حريتها ضئيل ،فما ان انتهي من تحرير آخر زميلاتها حتى ابدا في افنائها جميعا بين اسناني الطاحنة ، لتأخذ مكانها في المقبرة القابعة داخلي و التي استوعبت أطنانا من الطعام الذي بدأت في تناوله قبل ان يحتل صدام الكويت ، و الحقيقة ان احتلال صدام للكويت عاد على معدتي بالخسارة ، إذ قلت كميات الطعام المارة خلالها بسبب ذهول أمي عني إلى شاشات التليفزيون خوفا على مستقبل عملها في احدى صحراوات الخليج ،و التي يتفجر فيها زيت اسود ، يبادلونه بأوراق البنكنوت ، يعطونها لأمي ، فتشتري لي الطعام.

-اعود إلى طبق الرمان الأبيض ، و أواصل طقوس صلاتي المقدسة لجهازي الهضمي ، فأمضغ الحبات بتأن و ثقة- كحال الأمريكان عندما دخلوا بغداد - فتنفجر بصوت الصمت و تتناثر محتوياتها السائلة كقنابل النابالم الحارقة ، لن تضرب الفيتناميين الآن و إنما ستضرب جوانب فمي لأتذوق المحتويات اللاذعة ،فتنشط غددي اللعابية ،بينما نشطت قبلها بثوان عضلات حاجبي الأيسر في استجابة فورية لرغبتي في الاندهاش ، إذ لمحت الآن -و الآن فقط -هذا التشابه المذهل بين أحمد عز الذي اجلس زوجته نائبة البرلمان في البيت ،و برويز مشرف الذي أرقد بوتو في القبر ،و ذلك عندما لمحت صورتيهما متجاورتين في الصفحة الأخيرة للجرنال .

-أنهي عملية المضغ المقدسة ،و اترك امري لأمعائي الرزاقة الوهابة، فهي من سيستخلص السكر و الفيتامينات من وسط كمية هائلة من الألياف ،كما سيفعل الله يوم القيامة ،ليلقي بالسكر -اسف، المؤمنين -إلى الجنة ،و يدفع بالعصاة إلى النار ، فتخرج الألياف برازا ، و يحترق السكر في الكبد ،فتنتج كمية من الطاقة تكفي لأداء صلاة الصبح أو ممارسة العادة السرية ،فارفض استخدامها في أي من الامرين و أفضل توفيرها تحسبا لتعطل سيارتي القديمة ،فتحتاج عندها لدفعات بشرية متتالية ، لتتقدم السيارة ... بينا!

-أصل إلى العمل متأخرا بسبب حادث في الطريق ، إذ قام أحدهم بفقأ العين السليمة لسيارتي المتهالكة ،فلم يكن هناك بد من افتعال مشاجرة صباحية افرغ فيها غضبي من العولمة من جهة ، و أجدد نشاطي من جهة أخرى ،و انتهى الأمر بتدخل أصحاب السيارات المتعطلة من جراء الحادث:" يا جماعة صلوا ع النبي .... كل سنة و أنتو طيبين"

-في المصعد المؤدي إلى مكتبي اتذكر مقولة طريفة لصديق ، إذ سألني ذات مرة :مين أول واحد استعمل الأسانسير؟ -معرفش! فقال:يوسف النبي لما خرج م البير. ابتسمت ، فيتصادف وجود الزميلة العزباء امام عيني لحظة ابتسامي ، فأطرقت رأسها في خجل أنثوي فاضح ، فجعلتها هذه التلكيكة أقرب ما تكون لزغلول النجار حين فسر رؤيا يوسف النبي ل 11 كوكب ساجد - لا أعرف حقا كيف تسجد الكواكب- على انها اعجاز علمي بوجود 11 كوكب في المجموعة الشمسية ، فعلا ... تلاكيك!
-اسير في الردهة مصبخرا -من صباح الخير ، و على وزن محوقلا و مبسملا- على زملائي المنهمكين في وصلة تحايا تتكرر في مثل هذا اليوم من كل عام ، الذي ينهمك فيه أيضا سيادته في تبادل برقيات التهنئة مع (.. أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو ، ملوك و امراء و رؤساء الدول العربية و الاسلامية ...) ،و أذكر اني أيضا كنت اتبادل فيه الصواريخ الورقية الملونة مع زملائي في الفصول المجاورة بالمدرسة الابتدائية.

-على باب مكتبي يستوقفني زميلي المرح دائما :صايم و لا زي كل سنة؟ فاضحك و اجيب :زي كل سنة طبعا !

ابتسامة

عندنا في مايو تمطر السماء ، و يكون مطرها دافئا و كأنه قطرات لبن تنبثق من ضرع السماء. عندما تهل علينا امطار الربيع تلك ،نعلم ان شتاء هذا العام قد اسلم الروح ،و ان الساحة قد خلت للصيف يفعل بنا ما يشاء بلا حسيب أو رقيب ،و من يسأله عما يفعل؟

-عندنا في مايو تمطر السماء ،و يكون هذا المطر الربيعي هو قبلة الوداع من آخر ريح من رياح الخماسين الصفراء . دائما تسبقها عاصفة رملية تستمر طوال النهار ،ثم عاصفة رعدية فترة المغرب ،و بعدها تتساقط القطرات الدافئة فتغسل الرمال . و في اليوم التالي، تجد الناس قد ارتدت ملابسها الصيفية الجديدة ،و تجد خطباء المساجد يتوعدون الناس بالعذاب الأليم من الله ان لم يتوبوا ،و يؤكدون ان عاصفة الأمس لم تكن غير نذير من الله ،و انه لولا النساء و الأطفال لسقطت السماء على الأرض.

- مازلت أذكر ذلك اليوم منذ بضع سنين ، كانت السماء مظلمة بسبب العاصفة طوال فترة النهار ،و لأني كنت عاطلا وقتها ،لم يكن لدي ما أفعله ،لذا لم أتردد في مراقبة الجو الاصفر من وراء الزجاج السميك الذي يمنع جبال الرمال من اقتحام البيت. انتهت العاصفة يومها سريعا قبل الميعاد ،و هطلت الأمطار الدافئة مبكرة ،و انتهت أيضا مبكرة و كأن السماء راقصة ارادت ان تنهي فقرتها على المسرح بسرعة لتلاقي عشيقها . انتهت الأمطار بعد اذان العصر ، و بدأت الشمس تطل من جديد . ثم رأيته! ظهر قوس قزح في سماء المدينة. لم يكن مثل أي قوس رأيته من قبل ... كان منفردا ... كان مقلوبا! كان قوس قزح يبتسم لأول مرة في التاريخ.


إساءة أدب أم توضيح بأدب؟؟







-ما يحدث الآن من رسوم كاريكاتورية و أفلام على الانترنت تهاجم نبي الإسلام محمد، هل يعتبر اساءة أم توضيح؟ بمعنى آخر :هل يمكن ان يكون رسام الكاريكاتير الدانمركي و مخرج الفيلم الهولندي كلاهما مجرد حاقد و كاره -هكذا- للاسلام و بالتالي يصب كراهيته و ينفث حقده في تشويه صورة نبي الإسلام؟

-دعونا نرى ،لنتساءل مجددا :هل اخترع أي منهما الآيات الصادمة في القرآن و التي تحض على العنف و الايذاء البدني و المعنوي؟ لنأخذ أمثلة حتى لا يكون كلامنا مطلقا. سنتناول مقدمات 3 سور في القرآن :التوبة و النور و محمد.

- من سورة التوبة سنقرا الآية الخامسة و التي تقول " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم و احصروهم و اقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا و أقاموا الصلاة و أتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم " طبعا الآية لا نفهم من سياقها كيف يمكن الاستدلال على ان الله غفور و رحيم.

-و من نفس السورة نجد ثلاث آيات متتاليات مفزعات هي الآيات رقم 12 و 13 و 14 اقرأوا :

"و ان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم و طعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون * الا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم و هموا باخراج الرسول و هم بدأوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين*قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم و يخزهم و ينصركم عليهم و يشف صدور قوم مؤمنين" و في هذه الآيات نلاحظ ان العين تقفز تلقائيا من "قاتلوا" إلى "تقاتلون" إلى "قاتلوهم" في كل مرة تقرأ فيها الآيات المتتاليات.

-هذه آيات سورة التوبة. هذه آيات القرآن. هل يمكن ان يفسر أحد المسلمين هذه الآيات بطريقة أخرى غير انها تحرض على العنف و القتال؟ اسمع الآن مبررات لهذا العنف ،و أنا لا اطلب التبرير ،اطلب التفسير فقط. لا أعتقد ان هناك تفسير آخر غير انها تحض على القتال. و القتال هو العنف لو تعلمون. و العنف هو الهمجية لو تدركون.
-لنرى سورة أخرى و اسمها-ياللعجب- سورة النور. تبدأ السورة بأية عادية لا غبار عليها تقول" سورة أنزلناها و فرضناها و أنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون" ،ثم تأتي الآية الثانية بطريقة (الصدمة و الرعب ) الأمريكية كالتالي :"الزانية و الزاني فاجلدوا كل منهما مائة جلدة و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" مفاجأة ،أليس كذلك؟ لم يتدرج حتى ليوضح حيثيات هذا الحكم الرهيب بان يعدد مثلا أضرار الزنا على الأسرة و المجتمع أو ما شابه ،و لكن لابد ان هذه هي أصول البلاغة القرآنية. و لكن آيات القرآن لا تكتفي بهذا العذاب-كما جاء في اللفظ القرآني- و إنما تضيف عليه عذابا نفسيا آخر هو الاستبعاد الصارم من المجتمع بأن يقول في أية تالية -هي الثالثة "الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة و الزانية لا تنكح الا زان أو مشرك و حرم ذلك على المؤمنين".

-و مرة أخرى سنبحث عن تفسير لا تبرير. هل يمكن تفسير الايتين السابقتين بغير التحريض على العنف ضد بعض أفراد المجتمع في شكل عنف جسدي فظيع ثم عذاب نفسي أفظع؟! و هل تعني الايتين شيئا آخر غير فرض تعاليم دينية على أفراد المجتمع بالقوة ؟!
-نبي الإسلام و الرحمة المتهم انه عنيف اسمه محمد ،و في سورة محمد نقرأ الآية الرابعة :" فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد و اما فداء حتى تضع الحرب اوزارها ذلك و لو يشاء الله لانتصر منهم و لكن ليبلوا بعضكم ببعض ...." و هذه الآية يصح ادراجها ضمن مستويات العنف المخصصة للكبار فقط.

-ما يحدث في الرسوم الكاريكاتيرية و أفلام الانترنت ليس الا توضيحا لآيات القرآن.هي ليست اساءة لأنهم لم يسيئوا فهم الآيات أو لم يتعمدوا اساءة فهم الآيات. التفسير واضح : قاتلوا-اجلدوا-اضربوا-اشهدوا العذاب-لا تنكحوا....إلى آخر الاوامر القرآنية التي تعتبر في عرف ثقافة الإنسان الحديث عبارات تحض على العنف و الكراهية. نعم ،يمكن تبرير كل هذا العنف انه ناتج بيئته و ثقافة مجتمعه آنذاك ،أو انه كان العرف الثقافي السائد وقتها. و لكن ،لماذا يجبر أخي الطفل على حفظ كل هذه الاوامر العنيفة عندما أراد -أو أريد به- حفظ كتابه المقدس؟ و لماذا تضطر أمي إلى تلاوة هذه الأفكار المثيرة للاعصاب كلما ارادت ان تفوز ببعض الحسنات؟؟ لماذا لا تحذفونها؟ هل هناك إجابة؟ بالتأكيد ، هناك احتمالان : اما انكم تعتقدون انها لا تزال صالحة لمجتمعات الإنسان الحديث ،و في هذه الحالة لا تلوموا من رسم محمد معمما بقنبلة. أو انكم تؤمنون بانكم لستم ملزمين بهذا العنف الآن و فيما بعد ،و لكنكم تؤمنون بقداسة الكتاب و ضرورة عدم حذف حرف. إذا كان الأمر كذلك ،فلماذا لا تعلنونها صراحة :هذه آيات من كتابنا المقدس و لكننا لا نلتزم بها ابدا. و يتم الاعلان عن هذا المبدأ في المدارس و الجامعات و المساجد ليعلم الشباب انهم ليسوا مضطرين للعنف لارضاء ربهم.

-هذا هو الحل: اما الحذف أو التبرؤ من العنف القرآني. و لكن لو رفضتم ،لو استمرت عقولكم تؤمن بقدسية و فرضية تنفيذ هذه الاوامر العنيفة ،فلا تلوموا الا أنفسكم. لا تلوموا الغرب. الغرب لا يفعل أكثر من توضيح ما هو كائن في تفكيركم. يقوم بابراز وجه آخر للاسلام هو الوجه الموسوي النزعة العنيف الاتجاه ،بينما يتكفل المسلم بعرض الإسلام المسيحي -لو جاز التعبير.

-ان المسلمين يؤمنون حتى فوهات عقولهم -الممتلئة بالعنف- بضرورة جلد و تعذيب ممارسي الجنس خارج إطار الزواج ،و قطع يد اللصوص و احداث عاهات مستديمة بهم. و يؤمنون بان كل شخص اتبع الدين اليهودي هو عدو لهم ،هكذا. و يؤمنون بأنه ليس للمرأة ان ترفض معاشرة زوجها حتى لو لم تكن تشعر انها مهيأة نفسيا لذلك. و ليس للأبناء الاعتراض -و لو لفظا- على قرارات و اوامر الآباء مهما كانت تعسفية. و يؤمنون بان (نكاح) نبي الإسلام لطفلة في السادسة هو أمر عادي ،و ان أعمال الخضر التخريبية تعني بالضرورة ان لديه علم من عند الله....

-لا يا سادة ، الغرب لا يسئ الأدب. الغرب يوضح -بمنتهى الأمانة- كيف ان المسلمين يؤمنون بتعاليم عنيفة تثير الكراهية ضد كل من لا يتبع الأوامر ،و يوضح هذا في مناخ شديد الحرية و الديمقراطية يسمح -بل يلزم- بابراز الرأي الآخر. لو كانت لديكم تفسيرات أخرى -غير ان ايمانكم بهذه الآيات يعني ان نبيكم عنيف ،و أنتم بالتبعية- فلماذا لا تعرضون وجهة نظركم؟ كل الذين اعترضوا على الرسوم و الأفلام ثاروا لأن الغرب وضح و فضح المستور. ما فعله -و يفعله- الرسامون و مخرجو الأفلام لم يكن أكثر مما فعله الطفل النقي الروح حين أشار إلى الملك العاري و تساءل بدهشة :ماما ،لماذا يسير الملك عاريا بلا ثياب؟؟!


لمشاهدة كافة رسوم الكاريكاتير:

http://www.zombietime.com/mohammed_image_archive/jyllands-posten_cartoons/

لمشاهدة و تحميل فيلم فتنة:


شمس مصر

-هل أصبحت شمس مصر أكثر حرارة في السنوات الخمس الأخيرة؟أم انني -فقط- بدأت ملاحظة حرارتها الضاغطة في هذه السنوات؟ و هل يجوز وصف الحرارة بأنها ضاغطة؟ لا أعرف،و لكن كتبتها هكذا لأني مصاب الآن بصداع ضاغط نتج عن شمس مصر....

-كلما أصبت نفسي بهذا الصداع أحرص على عدم الحركة بقية اليوم ؛ فأي حركة ستغير ضغط الدم في شرايين مخي و سينتج عنها ضربات متتالية مع كل خفقة قلب. أفضل ان اجلس و بحواري كمية لا بأس بها من(الباراسيتامول) أو أي عقار يحتوي على كميات منه ،بالإضافة إلى برطمان النسكافيه و غلاية الماء. -من الضروري -عندما تصاب بالصداع- ان تبعد عن ناظريك أي شئ قد يرفع ضغط دمك ،مثل كتب العقاد و مصطفى محمود. حاول ان تبحث عن شئ فكاهي خفيف حتى لا تصاب بالملل من عدم مزاولة أي نشاط ،مقالات "ممتاز القط" مفيدة جدا في هذه الحالات(نصيحة مجرب). ابتعد أيضا عن أي نشاط جاد لأنك لن تتقنه في وجود هذا الاخطبوط الذي يضغط على عقلك....

-أنا لا أعرف لماذا أغرم بالسير تحت شمس مصر ،ربما هو حين ورثته عن جد لي كان من سكان أوروبا. الجينات عادة بلا عقل ،عمياء. عندما يغلق الرب أبواب الجحيم في نوفمبر اعمد إلى كشف جسدي امام المرأة ، فأرى التناقض الواضح بين الاسمر الغامق على ذراعي و وجهي ،و اللون القمحي الهادئ في بقية الجسد الذي لم يعرض للشمس. أظل طوال الشتاء أبحث عن التجانس اللوني ،و ما ان يعود مارس حتى أنقاد من جديد -بشكل قهري- إلى الانتحار تحت الشمس. بدأت افكر في اللجوء لطبيب نفسي ،ربما كنت اعاني من أفكار تسلطية من نوع ما...

-سرت ذات مرة لمدة ساعتين تحت شمس أغسطس في سفاجا-جنوب الغردقة. يومها كانت درجة الحرارة أقل من الخمسين بدرجتين مئويتين. لن أحكي عن الصداع التقليدي الذي اصبت به ،و لكن عندما عدت ليلا إلى الفندق وجدتني اشقر ، لقد احترق شعري! كانت بشرتي أصبحت بلون الشوكولاته ،و شعري جف و احترق لدرجة بدأت معها اشك اني اشم رائحة شياط من مكان ما. طبعا فشلت كل محاولات علاجه و اضطررت لحلاقته حتى ينمو من جديد....

-حلاوة شمسنا في الشتاء أمر مسلم به ،و لكن المشكلة ان شتاءنا المصري أقل من أربعة شهور: بعض من نوفمبر ، و كل ديسمبر و يناير و فبراير. كنت أعتقد -و أنا أصغر سنا- ان هناك شمسين تتصارعان على الظهور على المسرح: الاولى قوية الحرارة و الجسم تسيطر على أغلب شهور السنة ،و الاخرى أضعف هي شمس الشتاء. أكاد اجزم انه يستحيل ان تكون الاثنتان شمسا واحدة ،لا بد ان إحداهما ذكر خشن ،و الاخرى أنثى رقيقة حانية ،ذاك هو التفسير المعقول!

-سافرت ذات مرة في الصيف إلى احدى دول اسكندنافيا ، كانت الحرارة وقتها هناك 27 مئوية ،رائعة بالطبع بالنسبة للجحيم الصيفي في مصر. في أحد الأيام كنت على وشك ان استقل الحافلة العامة-الباص-فانهارت أمامي احدى الفتيات لتقع بين يدي ، اعتقدت انها ربما انبهرت بوسامتي الشرقية السمراء ،و خطر في بالي ان أوقظها كما ايقظ الفارس الجمال النائم ،و لكن السيدة العجوز بحواري اسرعت تنبهني قائلة: لقد أصبحت الشمس هنا جحيما لا يطاق ، أليس كذلك؟

-شمس مصر بالتحديد من أسباب الشيفونية المصرية الزائفة. يدعون في فيلم (غرام في الكرنك) ان الجو عندنا ربيع طول السنة ،كذب بواح بلا شك. الدول الفاشلة تبحث دوما عن شئ تحتمي به من انتقادات الآخرين و اتهاماتهم لها بالتخلف. اخترنا نحن حلاوة شمسنا و جمال شعبنا و خصوبة ارضنا لتكون مصدر الفخر لنا. كانت لليابان أيام تخلفها -قبل أقل من قرن و نصف- نفس المقولات بتطابق مذهل يجعلني أتفاءل اننا سنكون يوما ما في تقدم اليابان ،فقط نحتاج لامبراطور مراهق يريد التقدم بحق. اقرأوا معي من كتاب (الشمس المشرقة) لمصطفى كامل مؤسس الحزب الوطني (القديم): "... فقد ملأ المعلمون اليابانيون كتبهم بتمجيد اليابان و تعظيمها و تفضيلها على بقية بلاد الأرض ، فجاء في كتاب (كاتوسوكي ايتسي) المنتشر بين تلاميذ المدارس الابتدائية ما ترجمته : ان ياباننا الكبيرة التي يحكمها إمبراطورها العاقل هي اسمى و ارقى من كافة بلاد العالم؛فطقسها بديع و لا يعرف أهلها الحرارة المؤلمة و لا البرودة القارسة. و الاشجار و الفواكه تنمو فيها بكثرة وافرة ،و الأرز و الحنطة و بقية الحبوب جيدة فيها ،و قد تحسن الشاي و التوت في بلادنا -و لو ان أصلهما من الصين- بفضل جفاف الأرض و لطف الطقس .... و قد قام الرسل و الأنبياء في البلاد الاخرى لتعليم الفضيلة للناس و لكن الناس لبثوا قاسيو القلب يشبهون الحيوانات الكاسرة ، اما اليابان فلم يأتها أحد من الرسل و الأنبياء ليعلم شعبها الأخلاق؛ لأن ارضنا و طقسنا يسمحان لكل إنسان ان يتحصل -بقليل من العمل- على الحبوب الضرورية للحياة ،و يوجدان في الرجال الدعة و الطيبة...." طبعا لم يعد أحد يردد هذه الأقاويل المضحكة في اليابان اليوم!

-للأسف لا يطلق المصريون النكات على الشمس ،ربما لأنهم رمزوا بها لالههم الكبير رع قبل دخول الأديان السامية إليها. الشمس كانت دوما من معبودات الإنسان القديم ،نذكر طبعا قصة بلقيس ملكة سبأ التي كانت تعبد الشمس ،فأمرها سليمان (الحكيم) ان تعبد الله الغير مرئي و إلا....و الا....! بل ان الملاحظة الوحيدة في عالم الحيوان على وجود نوع من الديانات كانت عبادة الشمس. فبعض القبائل التقليدية في مدغشقر تقول انه حين يرقد الليمور (نوع من القردة) على أفرع عالية في الصباح في مواجهة الشمس و عيونه مغمضة ،فإنه يعبد الشمس*. أنا لا أفهم كيف عبد البعض النجوم و الكواكب في وجود هذه الشمس الهائلة. بالتأكيد لديهم وجهة نظر قوية!!

-شمس مصر ارحم بالطبع من شمس دولة الكويت ،أو شمس جنوب تشيلي التي تصب جزيئات تسبب السرطان. و شمس مدينة بورسعيد أكثر أنوثة بالتأكيد من شمس أسوان. كانت لي أمنية غالية و أنا صغير ،لم تتحقق إلى الآن. كنت -و مازالت- اتمنى ان تنبت لي أجنحة كالطيور ، أهاجر صيفا إلى روسيا ،و شتاء اعود إلى مصر. كنت -بالمناسبة- أفسر (رحلتي الشتاء و الصيف) في سورة قريش على هذا الأساس.....!! *هذه المعلومة مأخوذة من كتاب "الحياة الوجدانية عند الحيوانات" تأليف جيفري ماسون و سوزان ماكارثي

21 April 2008

جهنم الحمراء لا تسلق بيضاً


جهنم الحمراء لا تسلق بيضا

بقلم حمدى رزق ٢٠/٤/٢٠٠٨

أحب تلوين البيض، أصحو مبكراً مع العصفور، كانت أمي لتوها تنهي التحيات الطيبات، توقد وابور الجاز، تسلق البيض في ماء مالح حتي يتكلس القشر، تتركني غارقاً في صحون الألوان، تخلو الباقة من الأزرق والأسود.. شم النسيم عيد وليس يوم حداد.

خُف الجمل يؤلمه، لو مر علي بيضة مسلوقة واقفة علي حيلها، الجمال لا تكسر البيض، شيوخ الحرام يفقشون البيض، أحدهم علي شبكة «إسلام أون لاين» يحرم تلوين البيض، فتوي البيض تروج علي المواقع الإسلامية، ترسل علي الإيميلات المتاحة والمجموعات البريدية، مع اقتراب الاحتفال بعيد شم النسيم.. كل سنة وأنتم طيبين.

يبغون تحريم شم النسيم، ويتجاوزون في حق المسيحيين، يسمونهم النصاري ويكفّرونهم، ويتغولون في أصل العقيدة المسيحية، يحتالون علي الإنجيل والمسيح (عليه السلام)، ويصدرون المزاعم وصفا لما يعتقدون، لكم دينكم ولي دين.

ويسأل سائل: ببيان حقيقة عيد شم النسيم، وحكم احتفال المسلمين، ولماذا يكون المولد النبوي دائماً يوم الإثنين وعيد شم النسيم دائما يوم الإثنين أيضاً؟.. ويجيب مولانا: لابد من الإشارة إلي أن اليهود المصريين - علي عهد سيدنا موسي عليه السلام - قد أخذوا عن الفراعنة المصريين احتفالهم بهذا العيد، وجعلوه رأساً للسنة العبرية، وأطلقوا عليه اسم «عيد الفصح»، والفصح كلمة عبرية، تعني (الخروج أو العبور)، وعندما دخلت المسيحية مصر عرف ما يسمي بـعيد (يوم القيامة)، والذي يرمز إلي قيام المسيح من قبره - كما يزعمون (نصا من أصل الفتوي).

ويكمل: ويلاحظ أن يوم شم النسيم يعتبر عيداً رسمياً في بعض البلاد الإسلامية، تعطل فيه الدوائر الرسمية! كما يلاحظ أيضاً أن النصاري كانوا ولايزالون يحتفلون بعيد الفصح (عيد القيامة) في يوم الأحد، ويليه مباشرة عيد شم النسيم يوم الإثنين، ومن مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم أكل السمك والبيض، ومن العادات تلوين البيض بالأحمر، وربما كانوا يرمزون بذلك إلي دم المسيح (المصلوب)، حسب اعتقادهم الباطل المناقض للقرآن الكريم، وإجماع المسلمين المنعقد علي عدم قتل المسيح وعدم صلبه، وأنه رفع إلي السماء (نصا من أصل الفتوي).

وعلي أي حال فلا يجوز للمسلم مشاركة النصاري وغيرهم في الاحتفال بشم النسيم، وغيره من الأعياد الخاصة بالكفار(!!!) كما لا يجوز تلوين البيض في أعيادهم، ولا التهنئة للكفار بأعيادهم، وإظهار السرور بها، كما لا يجوز تعطيل الأعمال من أجلها، لأن هذا من مشابهة أعداء الله المحرمة، ومن التعاون معهم علي الباطل.

كما يجدر التنبيه إلي أن اليوم الموافق لميلاد النبي -صلي الله عليه وسلم- لا يأتي دائماً يوم الإثنين بل يختلف باختلاف الأعوام، ولكن يوم شم النسيم يأتي دائماً يوم الإثنين، لأن النصاري يعدلون في موعد صومهم كل عام حتي يتوافق مع مجيء (شم النسيم) يوم الإثنين، وأخيراً: ننصح السائل الكريم بعدم الاحتفال بمثل هذه المناسبات التي ما أنزل الله بها من سلطان.. والله أعلم (صادرة في ٢٨ ربيع الأول ١٤٢٢ - مركز الفتوي بإشراف د.عبدالله الفقيه).

حبل الحرام يخنق المجتمع، أينما تولوا وجوهكم ثمة من يصليكم بالحرام، اللهيب يلفح الوجوه، لهيب الوابور يصطلي تحت حلة البيض، لون اللهب البنفسجي جميل، يشع دفئا، جهنم الحمراء لا تسلق بيضا.. تشوي الوجوه.



.

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة المصرى اليوم

17 April 2008

اّلهة بلا رصيد

في السماء تسكن آلهة
منعزلة على عروشها الخشبية
تطل من بين فرجات السحب
على البشر المخلوقين
من دموع الملائكة
وحيوانات منوية لقرد

في ليالي الصيف يجتمعون
يحتسون الشاي و القهوة
يقزقزون لبا أسمر
يتفاخرون بمخلوقاتهم الجديدة
يبرمجون القدر و البشر
بآخر إصدارات مايكروسوفت
و يبحثون في جوجل
(من أجل كتبهم المقدسة)
عن أفضل تقنيات السرد

آلهتنا التي في السماوات
نرجو أن يكون مزاجكم رائقا
حين تقررون أقدار البشر
وأن تتوقفوا عن مضغ البيتزا
أثناء العمل
فلا يتسخ لوح القدر
بفتات التراجيديا
و بقع العبث
وراجعوا ما كتبتم
وحاولوا
أن تضيفوا للسعادة بند

شكونا الشقاء لكم مرارا
و انتظرنا الخلاص باخلاص
و إبراهيم يسخر منا :
"آلهتكم صماء بكماء"
فحسبناكم متعالين
على عروشكم الخشبية
حتى قام بنفسه
و حطم الاصنام
و مازلتم ساكنين
و انتظرنا الانتقام
فوجدناه يحرك يده:
"انها سليمة...انها سليمة
من الرسغ إلى الزند"

السادة الآلهة
عفوا
رصيدكم الحالي لا يكفي لاتمام المداهنة
برجاء الشحن و إعادة المحاولة.... فيما بعد
........................................

13 April 2008

إفعل أي شيء



افعل أي شئ، فكل شئ يتجمع في النهاية ، ليكون الشئ
ابدأ من أي نقطة و بأي شيء فكل ما تفعله حقائق تحفر لنفسها مكانا في روح العالم
لا تقل أنك عاجز ، ولا انك لن تغير الكون ، فأنت - بديهيا - لن تفعل ، ولكنك قطعة من البازل الانساني، لا بد أن تفعل شئ ليكتمل الشئ

يحيط بنا عالم أكبر من عقولنا ، نشعر إزاءه بالجهل و الغموض ، و الخوف . نشعر أننا يجب أن نفهم العالم لكي نعيش فيه ، و لكننا -للأسف - لا نفعل أكثر من التخبط في الظلام ، و لا نملك إزاء هذا الظلام / الغموض إلا أن نشبك أيدينا مع هؤلاء الذين يريدون -صادقين - أن يعرفوا ، نساعد الدنيا بهذا القدر الضئيل الذي اكتشفناه عن الدنيا و الناس ، فنضئ جزء من الطريق .
لا أشعر بالأسى حيال كوني لا أعرف ، لا أريد الهرب ، فقط سأستخدم ما أعرف ، و سأستخدم صدق نيتي ، و رغبتي في أن أعرف ، سأستخدم كل هذا لأقتحم المجهول ، لست أبدا ها الكائن المهم ، لست مهما لأحد سواي، و لكني أسعى لأثبت للعالم أني جدير بهذا الاهتمام ، جدير بالحياة

09 April 2008

الحرية النقية

-هناك اعتقاد راسخ من جانب أبناء كل ديانة ان الدين الذي ينتمون اليه يحقق كل معاني الحرية و العدالة و المساواة ، و ليس الأمر مقصورا فقط على أبناء الديانات المختلفة ،بل يتعداه إلى مختلف الايديولوجيات و القوالب الفكرية المصمتة.و لكن تجد المخالفين للدين أو الفكرة المؤدلجة يعارضون هذا الاعتقاد و يؤكدون -بأدلة تدحض أدلة المؤمنين - ان هذا الدين و هذه الفكرة تعادي الحرية أو تتناقض مع العدالة،و نجد أنفسنا قد تهنا وسط هذا الزحام من الاتهامات المتبادلة،و تجد نفسك تتساءل:أيهما أصح؟!

-أنا ارى ان كلا من الرأيين صحيح إلى حد ما.كيف هذا؟و هل للحقيقة وجوه أخرى؟!

-لقد اتى كل دين بمفهوم معين و محدد عن الصواب و الخطأ ،و رسم صورة واضحة لتصوره عن العدالة و المساواة ،و وضع سقفا عند حد معين من الحرية ، أي انه رسم للإنسان طريقا و قال في :هذه هي الحرية ،هذا هو العدل ،هذي هي المساواة ،و بالتالي عندما تجادل أحد المتدينين في شأن انتقاص هذا الدين من حرية افراده تجده ينتفض ليؤكد ان الدين وفر في الحرية الكاملة ،و هو هنا ليس بمعزل عن الصواب ، فالحرية الكاملة في نظر المتدين ، أو الحرية التي يستحقها، هي تلك الممنوحة له من قبل الدين ،و هو يعتبر ان تعدي سقف الحرية الممنوح له عبارة عن انفلات و فوضى ،و ليس ابدا حرية.

-المشكلة إذا تكمن في تحديد معنى للحرية و صبه في قوالب معدنية بحيث تصبح غير قابلة للتحور بعد ذلك ، تصبح غير قابلة للتشكل حسب حاجة أفراد المجتمع و حسب التطور الذي يحدث فيه ، بمعنى آخر : المشكلة هي احتكار معنى الحرية في قبل الدين أو الفكرة المؤدلجة و فرضها على الناس.
-إذا ما الحل؟ الحل هو كسر الاحتكار بتعدد الأفكار في المجتمع الواحد بحيث يصبح للفرد بدائل إذا لم يظن ان هذا التحديد للحرية يناسبه.

-المشكلة الكبرى هنا ان البعض يرى ان تعدد الأفكار عن الحرية هو شئ يتجاوز الحرية، يقولون انه فوضى، و بالتالي ينبغي عدم السماح به.و هكذا حال مجتمعاتنا العربية حيث تم احتكار المعاني ،و تم تحديد معنى للحرية بما يحقق مصالح فئات معينة -سواء كانت مصالح دينية أو دنيوية- و بدون الالتفات إلى حق بقية أفراد المجتمع في الحياة بحرية كما يتصورونها.

-و بالتالي ، أعتقد ان المهمة الاولى لمن يدافع عن الحرية هي مواجهة هذا الاحتكار ،و هذه الوصاية الفكرية في المجتمع العربي ،و اقناع الناس ان هناك معان أخرى للحرية أكثر قدرة على الافادة. ان الأمر أشبه بمجموعة من البشر محبوسين في مساحة صغيرة من الأرض حولها سور ، و قيل لهم :خلف السور ألغام من كل اتجاه .كل ما يحتاجه هؤلاء هو ان يقنعهم أحدهم ان الألغام وهمية ، و ان يريهم هذا بنفسه ، فيخرج عن السور ،و عندما لا يصيبه اذى سيدرك الناس انه ليس هناك ألغام حقيقية ، و ان خلف السور حياة ارحب و اغنى و أكثر كرامة من سجنهم الذي سجنوا فيه بوهمهم.

-معنى الحرية في كل دين و في كل فكرة مختلف ،و بالتالي إذا ما اردت ان تجادل واحدا فلا تقول :دينك ضد الحرية ،بل جادله في معنى الحرية و جدواها و الهدف منها، أي: لماذا ينبغي ان تكون هناك حرية؟ و على قدر الاجابة يكون معنى الحرية.

- لماذا إذا ينبغي ان تكون هناك حرية؟ قد يجد البعض هذا السؤال صعبا و إجابته مستحيلة أو نسبية ،و ان كنت أعتقد ان الاجابة ممكنة. اتذكر الآن عبارة للفيلسوف الأمريكي اريك فروم من كتابه (الخوف من الحرية) :"......اننا لسنا متأكدين دوما أي طعام هو صحي و أيها ليس صحيا ،و مع هذا لا يستنتج انه ليست أمامنا أي وسيلة نميز بها السم.بالطريقة نفسها يستطيع ان نعرف -إذا أردنا- ما هو الذي يسمم الحياة العقلية . اننا نعرف ان البؤس و الرعب و العزلة موجهة ضد الحياة ،و ان شئ يخدم الحرية و يطور الشجاعة و القوة ليكون الإنسان نفسه هو من أجل الحياة. ان ما هو خير و ما هو شر بالنسبة للإنسان ليس مشكلة ميتافيزيقية ،بل مشكلة تجريبية يمكن الجواب عليها على أساس تخيل طبيعة الإنسان و التأثير لبعض الظروف عليه..."

-نعم، بامكاننا -إذا اردنا - ان نميز بين ما هو ضد الحياة مما هو في صالحها ،و بالتالي يمكن ايجاد معاني أكثر حيوية -ان جاز التعبير- للحرية .اننا نعرف ان القيود على التفكير باسم الدين أو القومية أو المجتمع هو أمر ضد الحرية ، و أي قيود على التعبير-حتى لو كان باسم الحرية- هو ضد الحياة و ضد الحرية ،و أي قيد على حرية الإنسان الشخصية هو قيد على التعبير عن فرديته و استقلاله و بالتالي هو ضد الحرية و ضد الحياة. ان بامكاننا إذا نحينا التعصبات الايديولوجية جانبا ان ندرك ان الحرية لها ان تتمدد في مساحات أكبر مما تشغله حاليا ، سواء في مجتمعاتنا العربية أو في الغرب ،و بدون أي خوف من الفوضى أو الانفلات ،بل اني أزعم ان الحرية النقية هي الضمان الحقيقي و الوحيد ضد الانفلات و الهمجية ، هذه الحرية لم تتحقق حتى الآن في التاريخ البشري ،و هي الأمل و اليوتوبيا التي يتمناها كل إنسان يعي جيدا قيمة انتمائه للجماعة الانسانية.

28 March 2008

قصتين لفرانز كافكا

الفرار-فرانز كافكا

أمرت السائس بأن يحضر لي حصاني من الاسطبل. لم يفهني السائس.دخلت بنفسيإلى الإسطبل، وضعت السرج على الحصان و امتطيته.سمعت بوق آت من بعيد، سألته ماذا يعني ذلك، لم يجب، كما لو أنه لم يسمع شيئا.استوقفني عند البوابة و سألني:"إلى أين اتجاهك أيها الفارس؟" أجبته:"أنا لا أعرف بالضبط.بعيدا عن هنا.دائما بعيدا عن هنا. و باستمرار.هكذا فقط يمكنني الوصول إلى هدفي". سألني:"واضح أنك تعرف هدفك جيدا"، فأجبته:نعم، أعرف هدفي جيدا،سبق و أن أخبرتك به توا.بعيدا عن هنا-هذا هو هدفي"ا



اصرف نظر عن الموضوع-فرانز كافكا

في الصباح الباكر ، و الشوارع خالية و نظيفة، و أنا في طريقي لمحطة القطار.نظرت إلى ساعة البرج و ضاهيتها بساعتي، اكتشفت أن الوقت قد تأخر كثيرا عما ظننت، عليّ أن أسرع. انزعجتكثيرا من هذه الحقيقة التي اربكتني و جعلتني غير واثق من الطريق،فأنا لم أتعرف على هذه المدينة جيدا بعد. لحسن الحظ كان هناك شرطي بالقرب منين فاندفعت تجاهه و سألته لاهثا أن يدلني على الطريق. سألني مبتسما:"تريد مني أنا أن أدلك على الطريق؟" ، قلت له :"نعم، فأنا لايمكنني أن استدل عليه بنفسي!"رد قائلا:"أنت تضيع وقتك!اصرف نظر عن الموضوع!" أجابنيو راح بعيدا و هو يقهقه

حكمتك يا رب

كنت واقفا في المترو عائدا من الجامعةن وما أن لمحت مكانا خالياحتى تسابقت عليه مع 3 غيري، و لكني استطعت الفوز به أخيرا

كان الرجل الذي نشرت نفسي بجواره يقرأ في جرنال المصري اليوم تقريرا عن أخبار المصابين في غزة.و كان يركز على الخبر التالي:سيدة بترت رجليها و توفي زوجها و اثنين من أطفالهاعندما أطلقت دبابة إسرائيلية قذيفة على بيتهم، و رغم هذا لا تزال محتفظة بجنينها ، حيث كانت حامل في الشهر الخامس!!

وجدت الرجل يهز رأس يمينا و يسارا بتأثر ثم يلتفت إلي وهو يشير إلى الخبر قائلا:"شوف حكمة ربنا!!أكيد له غرض من ورا ده كله!!حكمتك يارب!!"و نظر لي منتظرا تعليقي فأمنت على كلامه و قلت :"آه ... حكمته!"و ابتسمت في سخرية لمحها الرجل، فهز رأسه و كأنه يصعب عليه عدم فهمي لحكمة الله

تركت الرجل يشرح لمن خ\حوله الحكمة المستخبية و كيف أن الله تعالى رحيم بعباده ، و أنه حافظ على الجنين ليعزي الأم التي فقدت أعز ماتملك.و كنت أنا أسخر منه بداخلي ، و انشغلت عن الدجل و الجدل الدائر بتصفح الكتاب الذي اشتريته للتو، فوجدتني أفتحه على إحدى الصفحات لأقرأ فيها: "إذا تصورنا أن منطق الآلهة يفوق منطق الانسان ، و اذا بررنا الشر باعتباره خيرا لا يعلمه الانسان، فإننا نلغي العقل لصالح القوى الخارقة،و نجعل من اللامعقول معقولا بطريقة تعسفية تجعلنا نستريح ظاهريا من عناء التناقض في واحة التصالح و التسوية، حيث يتم التسليم بغباء الانسان و بلاهته و ضعفه و محدوديته، و يتم......."ا

أغلقت الكتاب بسرعة ، و سرحت قليلا، ثم قلت كالمسحور بصوت سمعه الرجل بجواري: حكمتك يارب! فترك الجدل حوله و نظر لي بلهفة ليقول: مش قلتلك!

الإحترام المفقود

لا أمانع أبدا في إطلاق لفظ (خول) عليّ ، و لكن بشرط ان انال الاحترام الذي يفرضه كوني انسانا

ان هروب أغلب المثليين من ألفاظ مثل : خول - لوطي - سحاقية - شاذ، ليس هروبا من الواقع انما هو لجوء إلى الاحترام المفقود ، الاحترام الذي يكفله لهم ميثاق شرف الانسانية : الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، أسمى منجزات البشر الحضارية

ليس الخلاف هو خلاف على لفظ في اللغة ، انما الاختلاف كامن حول ما وراء هذا اللفظ : الاحترام أو عدم الاحترام

أطلق عليّ ما تشاء من ألفاظ ، و لكن احترمني أولا

أما مسألة أنك لا تحترمني فهذا أصل المشكلة . فهناك من البشر من يصنفون الناس إلى قسمين : بشر يستحقون الاحترام ، و بشر لا يستحقونه ، ويتم هذا التقسيم بناء على لون الشعر ، او لون البشرة أو العرق أو الاصل الاجتماعي أو المستوى المادي أو الانتماء السياسي او الدين اوالمذهب او الجنسية او الجنس (امرأة أم رجل) .... او بناء على التفضيل الجنسي

هل لاحظتم ان التمييز بناء على التمييز الجنسي يعد هزليا اذا ما قورن بالتمييز لاختلاف المذهب أو الدين أو الجنسية أو الانتماء السياسي؟؟!

من بين الذين لا يحترمون المثليين تجد أشخاصا يدينون التفرقة بين البشر على أساس لون البشرة ، و منهم من ينادي باحترام اتباع كل الديانات ، و منهم من ينادون بحقوق المرأة ، و هناك عدد منهم يقول بالأخوة الانسانية فوق الروابط الوطنية و القومية الضيقة ، و لكن عندما يتحدث واحد منهم عن المثليين تجده يطلق ألفاظ مثل : خول أو لوطي بقصد ابراز التحقير أو عدم الاحترام ، و كأنه بفعلته هذه يقول أنه يرى أن اختلاف البشر في تفضيلاتهم الجنسية أخطر و اعظم من اختلافهم حول المقدسات البشرية : الدين و الوطن . و كأنه يعلو بشأن الجنس في تفكيره إلى مرتبة تفوق مرتبة الله و الوطن . إن شعار هؤلاء هو : الجنس - الله - الوطن

قد يحترمون اختلافك معهم في اساسيات العقيدة باسم التسامح مع الأديان ، ثم يحقرون اختلافك معهم في التفضيل الجنسي باسم الله و الدين ، و هذا تفكير مريض ، فالأولى - ان جاز ان يكون للاحترام أولويات - أن تحقر من شأن من يختلف معك كلية في الدين ثم ترتب أولويات تحقيرك للآخرين بناء على قربهم و ابتعادهم عن تفسيرك للدين ، هذا هو المنطقي اذا كنت تقدس الله قبل الجنس ، و كان أولى بك أن تحقر الروسي أو الأمريكي قبل أن تحقر المثلين اذا كنت تقدس الوطن قبل الجنس ، و لكن للأسف ، و لسوء الحظ ، نحن في بلاد تركت عبادة الله و اعتنقت عبادة الجنس ، بلاد تعلي من شأن الجنس فوق الرابطة القومية بين افراد الشعب

من بين من لا يحترمون المثليين تجد أشخاصا يدعون أنهم يحترمون الرأي الآخر و الفكر المختلف ، وماأكثر هذا الادعاء في أيامنا هذه ، فمن لا يقول أنه يحترم الآخر يقال عنه أنه متعصب ، و اذا تحدثت مع هذا الذي يحترم الآخر عن المثلية تجده يسب و يلعن ، و كأنه يقول : كله إلا الجنس ، أو : الجنس أولى من أفكاري و آرائي بالدفاع عنه و القتال ضد من يخالفني فيه


و من هؤلاء المتسامحين الزائفين أشخاصا يقولون انهم لا يحترمون المثليين لأنهم بلا أخلاق و بلا كرامة ، و كأن اختلاف التفضيل الجنسي ينقص من الاحترام ، و كأن كرامته و أخلاقه نابعين من كونه يفضل ممارسة الجنس مع الجنس الآخر . ان اصحاب هذا الادعاء انما ينبع احتقارهم للمثليين من الفكرة الشائعة عنهم و هي أنهم يكونون دائما الشريك السلبي في العلاقة الجنسية ، و لن أرد على هذا الزعم الآن ، و لكن أحب أن اوضح أنه لمجرد اعتقادهم ان الشخص هو السلبي في العلاقة يقولون انه بلا اخلاق ن و كانه من موروثات الثقافة العربية المحبطة للمرأة و التي تعتبرها كائنا أدنى لأنها الحانب السلبي في العلاقة . ابسط دليل على هذا هو انك اذا سألت أحدهم : من تحتقر أكثر : مثلي موجب او سالب ، بدون تردد يقول انه يلعن السالب أكثر لأنه سالب!

و من الناس من يرفض احترام المثليين أو التعامل معهم لأنه يرى أنهم يخدعون لأنفسهم و يرفضون مواجهة الحقيقة، ويدعي أنه لا يريد أن يشجعهم على التمادي في خداع الذات ، و بالتالي فإنه بعدم احترام المثلي يدفعه إلى حل مشكلته و تغيير نفسه . و مثل هذا الشخص يعتقد في نفسه أنه مبعوث الرحمة للمثليين . انه يحتقرهم لأنه يحبهم !!! إنه يحتقرهم بمنتهى راحة الضمير . لست عالم نفس و لكني أتساءل : هل يمكن أن يندرج هذا الشخص تحت بند اسادية و حب إذلال الآخرين ؟ أو ضمن الأشخاص السيكوباتيين الذين يرتكبون الجرائم بضمائر هادئة مستريحة أو بلا ضمير على الإطلاق ؟ أريد نشخص واحد ممن يفكرون هكذا أن يأتي بدليل على أن كل المثليين بلا استثناء يخدعون أنفسهم . مثل هذا الشخص يطلقون الاتهامات جزافا بلا دليل ، بل من الممكن الرد عليهم بنفس الأسلوب الغوغائي بأن أقول أني لا أحترمك لأنك تخدع نفسك - هكذا! - وربما أنت مثلي يرفض الاعتراف بمثليته فيحتقرها هربا من مواجهة المسئولية . ربما تنفعل و تقول أن هذا اتهام بلا دليل ، و هل أتى ذاك الشخص بدليل على ان المثليين جميعا يخدعون أنفسهم ؟ رغم أن هذا الأسلوب سهل جدا إلا أني لا أفضله لأنه بلا دليل و يحوي في طياته بعض من ثقافة القطيع و رفض الآخر بالبحث عن أي أدلة واهية لتبرير هذا لارفض بدون أن يظهر أمام نفسه بمظهر المتحجر الرأي.فضلا عن أن هذا الأسلوب لا يقل في بشاعته وتمييزه و لا انسانيته عن أسلوب بعض المتطرفين الاسلاميين - مثل القرضاوي - الذين يفتون بعدم جواز احترام القبطي حتى يتم التضييق عليهم فيهربون من الاسلام إلى الاسلام.

هناك من يقول على المثليين : أنا لا أحترمهم لأنهم مقززين و انا أشمئز منهم . و هل طلب منك أحد أن تفعل مثلهم ؟ و هل عندما تعامل الناس في حياتك اليومية تتخيلهم في غرف النوم في أوضاع جنسية فتحترم ما يعجبك و تلفظ ما لا يثيرك ؟؟ يرد عليك واحد من أصحاب هذا الاتجاه قائلا : هناك فطرة بشرية ، و انا احترم كل البشر و لكني لا اتقبلهم كلهم ، وكأنه يفرق بين الاحترام و التقبل ، و ما التقبل الا درجة من درجات الاحترام . و لكن لننظر قليلا الى موضوع الفطرة هذا . أنا لا أصدق أن هناك ما يسمى فطرة بشرية ، و انما أقول -مثلما يخبرنا علم النفس - أن البيئة المحيطة بالانسان هي التي تشكل و عيه و تشكل السلوك العام لأفراد المجتمع و الذي يطلق عليه فيما بعد : فطرة . لنرى ماذا كان يحدث في مصر الفرعونية ، ألم يكن مسموحا للأخوة أن يتزوجوا ، و للأب أن يتزوج بناته ؟ لماذا لا نقول أن هذا ضد الفطرة ؟ لأن مجتمعهم وقتها كان يبيح هذا . بالمثل الهنود الحمر حين كانوا يسمحون بتعدد الأزواج للمرأة الواحدة في بعض الحالات ، ألا تعتبرها مجتمعاتنا ضد الفطرة ؟ ختان الاناث في مصر فطرة و في تركيا جريمة يقف ضدها المجتمع و القانون . العربي يفضل الفتاة البكر و يقول أنها فطرة ، بينما بعض القبائل الافريقية يفضل رجالها المرأة التي فض غشاء بكارتها ، و يقولون أيضا انها فطرة !! الفطرة ليست ما فطر الله البشر عليه ، انما هي ما فطر المجتمع الناس عليه ، المجتمع هنا هو العامل الذي يحدد نفسية أفراده . هل مسموح لإنسان محترم أن يرفض تقبل الزنوج لأن هذا من الفطرة ؟ كانوا يقولون هذا في الماضي ، و لكن المجتمعات الانسانية تطورت و اصبح عدم تقبل و احترام الزنوج جريمة . ان عدم تقبل الآخر صورة من صور عدم احترامه و انما التعلل بالفطرة هو محاولة اقناع النفس بأنها متسامحة تحترم البشر ، بينما العكس هو الصحيح . ان الانسانية تقتضي منك احترام و تقبل الآخر بدون أن تملي عليه شروطك ، سيسألني واحد : هل سأقبل الآخر غضبا ؟ هل ستجبرني على أن اتقبلك ؟ انا لا أجبر أحدا هنا ، أن ا فقط أوضح المفاهيم التي اتفقت المجتمعات المتقدمة على تسميتها بالأخلاق الانسانية ، و لك أن تلتزم بها ، او ان تلتزم بطريقة تفكير مجتمعك العربي ، ولكن أرجوك لا تأتي لتتمسح في أقدام الانسانية و الأخلاق

لك أن تطلق عليّ ما تشاء ، ما دمت تحترمني ، أما إذا لم تحترمني ، إذا كنت من عبدة الجنس ، فأنا لا أستطيع أن ألومك ، فأنا لا أستطيع أن ألوم انسانا يعمل في خدمة سيده

ليس المثليون هم عبيد الجنس كما يشاع ، بل العكس هو الأصح و الأكثر منطقية . من لا يحترم الشخص الذي اختلف عنه في ميوله الجنسية في الوقت الذي يحترم فيه الشخص الذي يختلف عنه في الدين و الجنسية و الفكر، هذا هو عبد الجنس بامتياز ، لأنه الذي رفع من شأن الميول الجنسية إلى مراتب الآلهة . و ربما نجد من هؤلاء من يخرج في مظاهرات حاشدة يوما ما اذا نال المثليون أحد حقوقهم ليرفعوا شعارات : تغرب شمسنا و لا يختلف جنسنا - نحن فداك يا جنس - تحيا القومية الجنسية

ملحوظة: قد يلمح البعض من كلامي نظرة دونية للجنس ، و لكن هذا غير صحيح ، فأنا أحترم الجنس بشدة ، و لكني أدرك أني أعيش في مجتمع يقدس الجنس و يحتقره في ذات الوقت ، و لو تخلى عن إحداهما ( التحقير أو التقديس) لما كانت هناك أي مشكلة ، فأردت استغلال هذا التحقير في ابراز تناقضه ، و ايلام ضميره ، لو كان حيا !!!

23 March 2008

فقد


كانت نملة، سارت باتجاهي، قالت : عمت مساء! قتلتها

أتت بعدها جيوش من الحشرات متدرجة في الحجم، انتصرت عليهم جميعا ، قتلتهم

انطلق إل الخلاء ، أصارع الوحوش، أقتل أسدا أو نمرا أو فهدا ، ثم أنام. ثم أصحو لأواصل القتال

شعرت أني أحتاج للراحة، أفتح عينيّ ، اندش! أنا في الصحراء أصارع الهواء

قدرت المسافة في ذهني : أنا على بعد خمسة شهور من البيت . يتوقف ذراعاي عن القتل ، أستدير ، أعود إالى البيت مطرقاً في صمت

******

14 March 2008

هل حقا التغييرممكن؟

إلى الطبيب المحترم د\أوسم وصفي

قرأت تعليقك على موضوع"للوقاية من المثلية الجنسية"المنشور على مدونة يوميات كريم، و أدهشتني آخر كلماتك في التعليق ،و التي كررت فيها عبارة"التغيير ممكن" مرتين متتاليتين.بدت لي هذه العبارة أقرب إلى عالم الدعاية السياسية منها إلى علم النفس-بدون أن اقصد أي إساءة.أقول بدت أقرب إلى الدعايات السياسية لأنها عبارة مطلقة، و تحوى من الأحلام و الوعود الزائفة أكثر مما تحوي من اللحقيقة و المنطق.كنت عند كريم مرة و سألته عنك-بعدما نشركريم رسالتك المذكور فيها الدراسة المزعومة-فعرض لي مقتطفات من الحلقة التي سجلتها أنت مع الطبيب النفسي د\هشام حتاتة و المذيع محمود سعد في برنامج اليوم السابع على قناة إم بي سي الفضائية.لفت نظري أن المذيع عندما سأل د\هشام عن نسبة نجاح الطب النفسي في تغيير سلوك المثليين جنسيا وجدتك أسرعت تنبه د\هشام ليذكر مفهوم العلاج النفسي.قال د\هشام أن مفهوم العلاج النفسي هو الاستمرار في عقد جلسات أسبوعية مع المعالج النفسي بصفة مستمرة لمدة سنتين على الأقل ليبدأ عندها (المريض) في تغيير طريقة تفكيره.

اضغط هنا لمشاهدة الجزء من الحلقة الذي ذكر به د/هشام هذه المعلومة

أحب أن أوضح لك أنني و حتى وقت قريب كنت مواظبا على العلاج مع أحد الأطباء المشهورين و أتذكر أن تكلفة الجلسة الواحدة كانت 100 جنيه تقريبا كنت أدفعها كل شهر-لأن الجلسات كانت شهرية و أحيانا كل 3 أسابيع و ليست أسبوعية-أضف إلى هذا مبلغ مدفوع في الأدوية المضادة للاكتئاب الذي لازمني بعد شهرين من بدء الجلسات. انتهى الأمر إلى إفلاس تام لي، حيث كنت وحدي تماما مستندا إلى مدخراتي التي تجاوزت وقتها ألف جنيه مصري تصورت أنها تغطي نفقات العلاج و لكنها تبخرت جميعا في أقل من سنة، بل لجأت أحيانا إلى التعدي على مدخرات أبي و أمي لتوفير المال اللازم للجلسات، فأصبحت كالمدمنين الذين يتعدون على مدخرات أسرهم من اجل انفاقها على ما يخدر أعصابهم و يغيب وعيهم.و لا أقصد هنا التلميح بأي إساءة انما هي سخريتي المريرة من الحال التي وصلت اليها.كل هذا بعد انتظام لمدة أقل من عام-تسعة شهور بالضبط- و بجلسات شهرية و ليست أسبوعية كما أرادها د\هشام، و أنا أحسب نفسي من الميسورين ماديا، بل ربما تخطيت هذا الوصف بقليل، ، فما بالك وأغلب الشباب اليوم من طبقات أقل من متوسطة، بل حتى الميسورين منهم يكون من الصعب جدا عليهم تحمل نفقات الجلسات النفسية خصوصا أنكم تؤكدون أن الجلسات يفضل أن تتم في سن صغيرة حيث يكون الشخص معتمدا بالكامل في نفقاته على أسرته، هل لك أن تدلني على كيفية تدبير نفقات الجلسات؟ و أرجو ألا يكون جوابك هو مصارحة الأهل ، لأن المثلي إذا كان قادرا على مواجهة الناس فلن يلجأ إلى تغيير نفسه من الأساس ، خصوصا إذ كان هدفه من تغيير نفسه أن يتجنب الحرج الاجتماعي-الفضيحة كما نلفظها هنا في مصر.

د\أوسم ،دعنا نستخدم الآلات الحاسبة لنرى تكلفة الجلسات المفترضة.في عامين أكثر من مائة أسبوع، و إذا حسبنا تكلفة الجلسة الواحدة ب 100 جنيه فإن العلاج يتكلف 10,000 جنيه ليبدأ المرء في تغيير تفكيره. 10 آلاف جنيه المفروض أن يدفعها شاب هو في الغالب بين ال18 و ال30 من عمره!!!و ذلك إذا افترضنا أن هذا الشاب لن يحتاج إلى أدوية مضادة للاكتئاب -و هو ملازم لأغلب حالات تغيير الميول الجنسية حسبما أعلم- وهناك بعض الأدوية التي توصف للمرضى تتطلب ميزانية أخرى، منها على سبيل المثال العقار المسمى بـ seroxat الذي وصفه لي طبيبي المعالج و الذي يتجاوز سعره 70 جنيه للعلبة الواحدة التي تحتوي على 20 حبة دواء!! و كل ماسبق يكون بافتراض أن الشاب لن يتعرض لأي انتكاسة طوال أول سنتين تجعله يعيد كورس العلاج من بدايته ، أو على الأقل إطالة أمده، و الانتكاسة محتملة جدا في حالات تغيير السلوك الجنسي-صحح لي معلوماتي لوكنت أخطأت.هل هذا منطقي ؟ هل بإمكانك أن تخبرني عن عدد المثليين الذين بإمكانهم تدبير هذه المبالغ خصوصا في ظل الارتفاع الرهيب في الأسعار الذي تعاني منه جميع الطبقات بلا استثناء؟و إذا تم لهم المراد و تحولت رغباتهم الجنسية، ألن يطلبوا الزواج؟من أين ستتوفر لهم إمكانات الزواج بعد دفع مبالغ جنونية في جلسات العلاج النفسي؟ أم سيضطرون إلى كبت غرائزهم الجنسية؟ ما الجديد إذا؟ و أرجوك ألا تخبرني أن الله سيقف معهم لأنهم أطاعوه ، فأنا أريد إجابات منطقية واضحة بعيدا عن اللعب بالأحاسيس الدينية

لاحظ أني كتبت كل ماسبق بافتراض أن الجلسات تجدي نفعا من الأساس.حاولت كثيرا مع طبيبي المعالج أن يعرفني بأحد هؤلاء الذين كانوا مثليين حتى يطمئن قلبي و حتى أجد التواصل و لا أشعر بنفسي وحيدا أمام نفسي، و لكنه رفض تماما مبررا رفضه بأنه أمر شديد الخصوصيةرغم أني لم أطلب أكثر من محادثة أو اثنين على الايميل بدون أن يكشف من أمامي شخصيته.

هل وضح الآن لماذا اعتبرت عبارتك" التغيير ممكن" دعاية إعلامية سياسية؟لأنها بكل بساطة غير منطقية و تتجاهل حقائق الواقع الاقتصادي ، و تلعب على أحلام الجماهير ! ألم يكن من قبيل الأمانة العلمية و احترام المتلقّي أن تذكر هذه المعلومات عندما تكتب لتقول" التغيير ممكن"؟أليس من حق كل شخص أن يدرك تكلفة التغيير المادية قبل أن يغرق نفسه في الأحلام ليفيق على صدمة اقتصاديةعند أول جلسة أو بعد عدة جلسات؟إلا إذا لم يكن-لديكم -اسمحلي- ما تقدمونه حقا و تطلبون هذا الاتزام الخرافي من باب وضع العقدة في المنشار ، مثلما يقوم أحد الدجالين بطلب القدم اليمنى لنملة سويدية حولة يتيمة الأم حتى يتحجج بعد ذلك أن الضحية لم يوفر الطلبات كما أمر الأسياد!!

من نوادر جحا أن الوالي طلب منه مرة أن يعلم حماره القراءة و الكتابة مقابل مبلغ كبير من المال على أن يعاقب جحا بشدة في حالة إخفاقه. فوافق جحا على هذا و اشترط أن يأخذ مهلة 10 سنوات يسأله الوالي بعدها. و عندما حاول الناس أن يبينوا له لامعقولية ما تم تكليفه به رد عليهم جحا : في خلال عشر سنوات، إاما أن يموت الوالي، أو يموت الحمار ، أو اموت أنا!!

مع كامل احترامي لشخصك
تامر سعيد




11 March 2008

مصر بلد علماني .. بجد؟؟

الكثير من مناهضي العلمانية يدعون أن مصر بلد علماني ، و رغم ذلك لم تتقدم و لم تشهد انفراجة في الحريات
لهؤلاء أهدي الخبر المنشور اليوم في جريدة المصري اليوم في الصفحة الأولى


رابط الخبر على جريدة المصري

طالبت الدكتورة زينب رضوان، وكيلة مجلس الشعب، بالسماح بتوريث الزوجة «الكتابية» - المسيحية أو اليهودية - والأخذ بشهادة أصحاب الديانات الأخري في مسائل الأحوال الشخصية، ومساواة شهادة المرأة الواحدة بالرجل أمام المحاكم، في إطار تفعيل مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين.
وذكرت في اجتماع للجنة حقوق الإنسان بالمجلس أمس، أنه لا توجد أي موانع في القرآن والسنة لتطبيق ما تدعو إليه، وأن الدستور يدعو للمساواة بين المواطنين وهو ما لا يتم تطبيقه، معتبرة أن حكم القضاء الإداري بوضع «شرطة» مكان خانة الديانة للبهائيين، يمثل تدعيماً لمبدأ حرية العقيدة.
واعترض نواب الإخوان علي اقتراحات وكيلة المجلس، وقال النائب محمود عامر، إن ما تدعو إليه زينب رضوان مخالف للشريعة الإسلامية، وخروج علي المرجعية الدينية للمجتمع المصري.
ودافعت زينب رضوان عن موقفها بتأكيدها أنها لا تقصد المساس بثوابت الشريعة الإسلامية، وأن مقترحاتها جاءت لإظهار الوجه الصحيح للإسلام.
واقترح النائب محمد عامر، وكيل لجنة حقوق الإنسان، عقد اجتماع مشترك مع لجنة الشؤون الدينية، وبمشاركة مجمع البحوث الإسلامية وممثلين من الأزهر ودار الإفتاء للوصول إلي رأي فقهي صحيح حول ما طرحته الدكتورة زينب رضوان.


انتهى الخبر
أحب أن أعلق ان هدفي من نشر هذا الخبر ليس مناقشة ما اذا كان الاسلام يوفر حرية للمرأة ويساويها بالرجل ام لا، ليس هذا محل نقاش هنا لذا ارجو الا يصلني تعليق يدافع عن حرية المرأة في الاسلام
فقط اود ان اوضح ان مصلا ليست بلد علماني، مصر بلد مازال العديد من قوانينه الداخلية مستمدة من الكتب الدينية و ليس من التشريع المدني
مصر ليست علمانية ... حتى الآن

09 March 2008

بلاد الشر...ق

في بلاد الشر
يضيفون حرفا كالقناع
يضعون عمامة ... لحية
يحجّبون النساء و الشر
يصبحون بلاد الشر...ق
و يتحولون الى بلاد للخير

في بلاد الشر
ممنوع عليك العشق
ممنوع أن تفكر
لست سوى غنمة
روحك مبولة
عقلك مطية للغير

في بلاد الشر
جرب أن تحب
جرب أن تفكر
ستجد ألف قديس
يخرجون من تحت الروث
يخرجون ما تحت التراب
يتحدثون باسم السيد التعيس
يقولون: حرام ... حرام
كدمية صينية رديئة
على رصيف
في العتبة

في بلاد الشر
إن أحببت قالوا : يهديك
إن فكرت قالوا : يهديك
و كأن الحب ظلام
و كأن الفكر ضلال
و من يدريهم؟
و من يدريك؟

في بلاد الشر
سأقول سمعا و طاعة
سأغلق عقلي بالمفتاح
و أضع روحي في كفن
إذا استطاعوا أن يخبروني
عندما أفعل هذا
لماذا أشم
رائحة العفن؟؟

06 March 2008

القصيدة المتوحشة


أحبيني .. بلا عقد
وضيعي في خطوط يدي
أحبيني .. لأسبوع .. لأيام .. لساعات..
فلست أنا الذي يهتم بالأبد..
أنا تشرين .. شهر الريح،
والأمطار .. والبرد..
أنا تشرين فانسحقي
كصاعقة على جسدي..

أحبيني ..
بكل توحش التتر..
بكل حرارة الأدغال
كل شراسة المطر
ولا تبقي ولا تذري..
ولا تتحصري أبدا..
فقد سقطت على شفتيك
كل حضارة الحضر

أحبيني..
كزلزال .. كموت غير منتظر..
وخلي نهدك المعجون..
بالكبريت والشرر..
يهاجمني .. كذئب جائع خطر
وينهشني .. ويضربني ..
كما الأمطار تضرب ساحل الجزر..

أنا رجل بلا قدر
فكوني .. أنت لي قدري
وأبقيني .. على نهديك..
مثل النقش في الحجر..

***

أحبيني .. ولا تتساءلي كيفا..
ولا تتلعثمي خجلا
ولا تتساقطي خوفا
أحبيني .. بلا شكوى
أيشكو الغمد .. إذ يستقبل السيفا؟

وكوني البحر والميناء..
كوني الأرض والمنفى
وكوني الصحو والإعصار
كوني اللين والعنفاء..

أحبيني .. بألف وألف أسلوب
ولا تتكرري كالصيف..
إني أكره الصيفا..

أحبيني .. وقوليها
لأرفض أن تحبيني بلا صوت
وأرفض أن أواري الحب
في قبر من الصمت

أحبيني .. بعيدا عن بلاد القهر والكبت
بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت..
بعيدا عن تعصبها..
بعيدا عن تخشبها.

أحبيني .. بعيدا عن مدينتنا
التي من يوم أن كانت
إليها الحب لا يأتي..
إليها الله .. لا يأتي ..

***

أحبيني .. ولا تخشي على قدميك
- سيدتي - من الماء
فلن تتعمدى امرأة
وجسمك خارج الماء
وشعرك خارج الماء
فنهدك .. بطة بيضاء ..
لا تحيا بلا ماء ..

أحبيني .. بطهري .. أو بأخطائي
بصحوي .. أو بأنوائي
وغطيني ..
أيا سقفا من الأزهار ..
يا غابات حناء ..
تعري ..
واسقطي مطرا
على عطشي وصحرائي ..
وذوبي في فمي .. كالشمع
وانعجني بأجزائي
تعري .. واشطري شفتي
إلى نصفين .. يا موسى بسيناء..

**********
كلمات الشاعر .. نزار قباني




05 March 2008

هالقلب العشقان ... شو بيقلك كمان


ليلة عيشني بحبك
ليلة سمعني قلبك
ليلة انساني عأيديك
وشمسي تشرق من عينيك
عندي بتساوي هالكون
يا كل الكون
حبيبي
شو معنى هالحياة
حلم ومارق ساعات
الباقي من عمري أهديك
وعمري لحظة بتناديك
امبارح وباقيلي اليوم
ولأخر يوم
حبيبي
أنا اللي منك وأنت مني
لا لا ما تبعد عني
أنت أنا
روحي أنا
أنت اللي ساكنني
انت اللي عارف أني
ألك وحدك بغني

شو مشتاقة حبيبي
قول كلمة يا حبيبي
وأحكي للدنيا يا حبي
أنك ألي وألك قلبي
ألك من قلبي ما كان
ومن بعد الزمان
هالقلب العشقان
شو بيقلك كمان

والليلة اغمرني بجنون
خلي اللي ما كان يكون
وتقلك دمعة العيون
أنو أنا
روحي أنا
بحبك أنا ..
حبيبي





15 January 2008

هاكاتاه


انفتح الثغر الحصين ، و ظهرت صفوف الاسنان متراصة في جمال خاص بها ، وحدها، و ابتسمت هي لي، و حدي، فقررت أنا - ردا على هذا العدوان على قلبي - اعلان الحب


انتقلت من فوري اليها ، ساحرة البر ، الساحرة رازين، شكوت لها همي، نعيت لها ضعف رصيدي من كلمات الحب و اشعار الغزل و اغاني الغرام، اشتكيت ، و بكيت في حضنها، فمن أحب لست قادرا على البوح لها بحبي ، بسبب ضعف رصيدي اللغوي، ياللخيابة، و ياللحسرة


هدأت رازين من روعي ، و كدت انها ستتصل بالارواح، و بملائكة الحب، علها تجد حلا لمشكلتي، فانقشعت دموعي عن ابتسامة امل،، و خلعت- انا - على رازين صفة الرحمة الالهية، و لكنها رفضتها بكبرياء حين طلبت اجرها من التمر حنة و البخور الهندي، فالآلهة لا تطلب أجرا، وعدتها بتحصيل ما تطلب ، المهم ان تجوجل جيدا مع الارواح عن حل لي


رن هاتفي المحمول في الثالثة صباحا، تركت الكتب الغزلية التي كنت بدأت تلاوتها، و نظرت لشاشة الموبايل ، وجدت اسم:"رازين ... ساحرة البر" ، إاذا فقد وصل الرد من الأرواح،خصصت لي رازين ميعادا في السابعة صباحا ، أمنت على الموعد، و نمت ، و لكن لم أنم


قبل الموعد كنت عند رازين، و بعد الموعد استقبلتني هي، ، ونظراتها الجانبية توحي بالجزل الطفولي، فالمشهور عن رازين انها تحب مساعدة العشاق ، و ها هي قد ساعدتني، اتخذت وضعية جلوسية شبيهة بجلسات اليوجا ، أغمضت عينها، و استنشقت البخور بنشوة، و أخذت هيئة الدراويش، فقلت بعد ساعة من الملل:" أين الحل يا رازين؟" ، فردت هي بكلمة واحدة :" هاكاتاه " ، صحت أنا : " ايه ؟ عفوا ، ماذا؟" فقالت رازين: هاكاتاه، هي كلمة تجمع كل ما قيل و سيقال في الحب و الغزل و الغرام، هاكاتاه فلسفة جديدة ، و ديانة وضعية ، ستكون أنت نبيها، الحب بلا كلمات ، فقط كلمة واحدة: هاكاتاه


اليها انطلقت و عقلي يردد:" هاكاتاه .. هاكاتاه"وبلا مقدمات وقفت أمامها - و كانت وسط صديقاتها - و صحت :"هاكاتاه" ، ضحكت الفتيات و قالت احداهن: يا ابن الهبلة


الى رازين عدت، اشفقت علي من غباوتي و قالت: يا مغفل ، جمعت لك كلمات الحب في كلمة واحدة ، و لكن عليك انت ان تختار زمان و مكان القائها

الى من أحببت عدت، طلبت منها الانفراد بكلمة معها، وافقت ببساطة، ووقفنا فيي ركن مشمس دافئ، قلت لها - و قلبي ينبض بحب: هاكاتاه ، و غذ بها تغمض عينها و كأنها سحرت، و استنشقت الهواء في جوع تنفسي هائل ، ثم فتحت عينيها و قالت بابتسامة : هاكاتاه ، فكانت أول من آمن بي من النساء