23 April 2008

ابتسامة

عندنا في مايو تمطر السماء ، و يكون مطرها دافئا و كأنه قطرات لبن تنبثق من ضرع السماء. عندما تهل علينا امطار الربيع تلك ،نعلم ان شتاء هذا العام قد اسلم الروح ،و ان الساحة قد خلت للصيف يفعل بنا ما يشاء بلا حسيب أو رقيب ،و من يسأله عما يفعل؟

-عندنا في مايو تمطر السماء ،و يكون هذا المطر الربيعي هو قبلة الوداع من آخر ريح من رياح الخماسين الصفراء . دائما تسبقها عاصفة رملية تستمر طوال النهار ،ثم عاصفة رعدية فترة المغرب ،و بعدها تتساقط القطرات الدافئة فتغسل الرمال . و في اليوم التالي، تجد الناس قد ارتدت ملابسها الصيفية الجديدة ،و تجد خطباء المساجد يتوعدون الناس بالعذاب الأليم من الله ان لم يتوبوا ،و يؤكدون ان عاصفة الأمس لم تكن غير نذير من الله ،و انه لولا النساء و الأطفال لسقطت السماء على الأرض.

- مازلت أذكر ذلك اليوم منذ بضع سنين ، كانت السماء مظلمة بسبب العاصفة طوال فترة النهار ،و لأني كنت عاطلا وقتها ،لم يكن لدي ما أفعله ،لذا لم أتردد في مراقبة الجو الاصفر من وراء الزجاج السميك الذي يمنع جبال الرمال من اقتحام البيت. انتهت العاصفة يومها سريعا قبل الميعاد ،و هطلت الأمطار الدافئة مبكرة ،و انتهت أيضا مبكرة و كأن السماء راقصة ارادت ان تنهي فقرتها على المسرح بسرعة لتلاقي عشيقها . انتهت الأمطار بعد اذان العصر ، و بدأت الشمس تطل من جديد . ثم رأيته! ظهر قوس قزح في سماء المدينة. لم يكن مثل أي قوس رأيته من قبل ... كان منفردا ... كان مقلوبا! كان قوس قزح يبتسم لأول مرة في التاريخ.